للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد تركت الموت الزؤام مغيظا ... يتلظّى لجرحه كيف يوسى

فغدت عندنا المصيبة نعمى ... بأياديك وهي من قبل بوسى

ثم نهض، وأقسم علينا ألا يتبعه أحد منا، وأنفذ إليّ في بقية ذلك اليوم خمسة آلاف درهم وقال: استعن بها على أمرك. ولم يبق أحد من أهل الدولة إلا جاءني بعده معزيا. ثم اجتاز بي من الغد في طيّاره ووقف واستدعاني وأمرني بالنزول معه، فبعد جهد ما تركني بقية اليوم.

حدث أبو منصور قال [١] ، حكى أبو إسحاق الصابىء قال: طلب مني رسول سيف الدولة ابن حمدان عند قدومه الحضرة شيئا من شعري وذكر أنّ صاحبه رسم له ذلك فدافعته أياما ثم ألحّ عليّ وقت الخروج فأعطيته هذه الثلاثة الأبيات:

إن كنت خنتك في المودة [٢] ساعة ... فذممت سيف الدولة المحمودا

وزعمت أن له شريكا في العلا ... وجحدته في فضله التوحيدا

قسما لو اني حالف بغموسها ... لغريم دين ما أراد مزيدا

فلما عاد الرسول إلى الحضرة ودخلت عليه مسلّما أخرج لي كيسا بختم سيف الدولة مكتوبا عليه اسمي وفيه ثلاثمائة دينار.

ووجدت بخط أبي علي بن أبي إسحاق قال: لما غنّي ابن حمدان بهذا الشعر سأله عن قائله فعرفه، قال والدي رحمه الله: فأنفذ إليّ في الوقت عشرة دنانير من دنانير الصلة وزنها خمسمائة مثقال، وأضاف إلى ذلك رسما كان ينفذه إليّ في كلّ سنة إلى أن مات رحمه الله.

قال [٣] : وأهدى أبو إسحاق الصابىء إلى عضد الدولة في يوم مهرجان الصطرلابا بقدر الدرهم محكم الصنعة، وكتب إليه (وفي «كتاب الوزراء» لحفيده أنه أهدى الاصطرلاب إلى المطهر بن عبد الله وزير عضد الدولة وكتب إليه) بهذه الأبيات:


[١] اليتيمة ١: ٣٥.
[٢] اليتيمة: الأمانة.
[٣] اليتيمة ٢: ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>