للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرج إذا أنا بجماعة مجتمعة، فأقبلت اليهم، وإذا برجل كان يقنص الظباء وقد وقع ظبي في حبالته فذبحه فانتفض في يده، فضرب بقرنه صدره فنشب القرن فيه فمات، وإذا بفتاة أقبلت كأنها المهاة، فلما رأت زوجها ميتا شهقت ثم قالت:

يا خشن لو بطل لكنّه أجل ... على الأثاية ما أودى به البطل

يا خشن جمع أحشائي وأقلقها ... وذاك يا خشن لولا غيره جلل

أضحت فتاة بني نهد علانية ... وبعلها في أكفّ القوم محتمل

وكنت راغبة فيه أضنّ به ... فحال من دون ظبي الريمة الاجل

ثم شهقت فماتت، فما رأيت أعجب من الثلاثة: الظبي مذبوح، والرجل جريح ميت، والفتاة ميتة. فلما خرج قال الأمير محمد بن عبد الله: أيّ شيء أفدنا من الشيخ، قالوا: الأمير أعلم، قال: قوله «أضحت فتاة بني نهد علانية» أي ظاهرة، وهذا حرف لم أسمعه في كلام العرب قبل اليوم.

حدث المرزباني فيما أسنده إلى الزبير بن بكار قال [١] عادلت المتوكل على الله من الجوسق إلى المحمدية فلما سرنا قال لي: يا زبير، من أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال: فورد عليّ شيء لم أروّ فيه، فخفت أن أقول: عليّ، فيقول:

تقدّمه على أبي بكر، وخشيت أن أقول أبا بكر فيقول: فضلت على آل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، غيرهم. قال: فسكتّ فاقتضاني الجواب، فسكتّ. فقال: ما لك لا تجيب؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، سمعت الناس بالمدينة يقولون: أبو بكر خير الصحابة، وعليّ خير القرابة. قال: فأرضاه ذلك وكفّ.

حدّث ثعلب قال: كتب رجل إلى الزبير بن بكار يستجفيه، فكتب إليه الزبير:

ما غيّر الدهر ودا كنت تعرفه ... ولا تبدلت بعد الذكر نسيانا

ولا حمدت وفاء من أخي ثقة ... إلا جعلتك فوق الحمد عنوانا

قال الزبير: شيعني إسحاق بن إبراهيم التميمي، وقال:

فراقك مثل فراق الحياة ... وفقدك مثل افتقاد الديم


[١] نور القبس: ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>