تقريراته. فلما حصل بالموصل كتب إلى أبي القاسم المطهر بالقبض عليه؛ فحدثني أبو الحسن فهد بن عبد الله، وكان يكتب لأبي عمرو بن [ ... ] عند نظره في الموصل، قال: أخرج في الموصل إلى الديوان ما وجد في قلاع أبي تغلب من الحسابات ليتأمّل ويميّز، وكان فيها الشيء الكثير من كتب عزّ الدولة إلى أبي تغلب بخطّ أبي إسحاق جدك، فكان أبو عمرو إذا رأى ما فيه ذكر عضد الدولة أيام المباينة بينه وبين عز الدولة [نحّاه] حتى جمع من ذلك شيئا كثيرا وحمله إلى عضد الدولة لعداوة كانت بينه وبينه فأظنّ ما وقف عليه حرّك ما كان في نفسه حتى كتب من هناك بالقبض عليه.
قال: وحدثني جدّي قال: كنت جالسا بحضرة أبي القاسم المطهر بن عبد الله وزير عضد الدولة في يوم القبض عليّ إذ وردت النوبة ففضّت بين يديه، وبدأ منها بقراءة كتاب عضد الدولة، فلما انتهى إلى فصل منه وجم وجوما بان في وجهه، فقال لي أبو العلاء صاعد بن ثابت: أظنّ في هذا الكتاب ما ضاق صدرا به. وقمت من مجلسه لأنصرف فتبعني بعض حجّابه وعدل بي إلى بيت من داره، ووكل بي، وراسلني يقول:«لعلك قد عرفت مني الانزعاج عند الوقوف على الكتاب الوارد من الحضرة اليوم، وكان ذلك لما تضمّن من القبض عليك وأخذ مائة ألف درهم منك، وينبغي أن تكتب خطّك بهذا المال، ولا تراجع فيه، فوالله لا تركت ممكنا في معونتك وتخليصك إلّا بذلته، وقد جعلت اعتقالك في داري، ومقامك في ضيافتي، فطب نفسا بقولي، وثق بما يتبعه من فعلي» . وقبض على ولديه أبي علي المحسن والدي وأبي سعيد سنان عمي، فلما تقدم عضد الدولة إلى أبي القاسم المطهر بالانحدار لقتال صاحب البطيحة سأل عضد الدولة إطلاقه والإذن له في استخلافه بحضرته فقال له: أما العفو فقد شفّعناك فيه، وينبغي أن تعرّفه ذلك وتقول له: إننا قد غفرنا لك عن ذنب لم نعف عما دونه لأهلنا- يعني عز الدولة والديلم- ولأولاد نبيّنا- يعني أبا الحسن محمد بن عمر وأبا أحمد الموسوي [١] ، ولكنا وهبنا إساءتك لخدمتك
[١] أبو الحسن محمد بن عمر الحسني العلوي رئيس العلوية بالعراق صادره عضد الدولة وحبسه، (كانت وفاته سنة ٣٩٠) وأبو أحمد الموسوي نقيب الطالبيين ووالد الرضي والمرتضى غرّبه عضد الدولة وحبسه.