للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، وذلك بإغراء ابن السراج [١] لهما به، وتجدد منه في العداوة له أمور تجنّى فيها عليه، وجرت له في هذه النكبة خطوب أشفى فيها على ذهاب النفس، ثم كفاه الله بأن فسد أمر ابن السّراج مع ابن بقية بما عامله بالعلة التي عرضت له، فقبض عليه ونقل القيد من رجل أبي إسحاق إلى رجله، وعاد إلى خدمة عز الدولة، وكتب عنه في أيام المباينة بينه وبين عضد الدولة الكتب التي تضمّنت الوقيعة والاستهتار عليه ومنها:

الكتاب عن الطائع لله بتقديم عز الدولة وإنزاله منزلة ركن الدولة، وهو أعظم ما نقمه عليه. فلما ورد عضد الدولة إلى بغداد في الدفعة الثانية وحصل بواسط، استظهر بأن خرج إلى أبي سعد بهرام بن أردشير، وهو يتردّد في الرسائل، بما يتخوّفه من تشعب رأي عضد الدولة، وسأله إجراء ذكره، وإقامة عذره، والاحتياط له بأمان تسكن إليه نفسه، وكتب على يده كتابا عاد جوابه بما نسخته:

«كتابنا، أيدك الله، من المعسكر بجبل يوم الجمعة لست ليال بقين من شهر ربيع الأول عن سلامة ونعمة، والحمد لله ربّ العالمين، ووصل كتابك، أيدك الله، وفهمناه وعرفنا ما يحمل، واستمعنا من أبي سعد بهرام بن أردشير، أعزه الله، ما أورده عنك، ومن كانت به حاجة إلى إقامة معذرة أو استقالة من عثرة، أو الاستظهار في مثل هذه الأحوال بوثيقة، فأنت مستغن عن ذلك بسابقتك في الخدمة، ومنزلتك من الثقة، وموقعك لدينا من الخصوص والزلفة. وذكر أبو سعد، أعزه الله، التماسك أمانا، فقد بذلناه لك على غناك عنه، وأنت آمن على نفسك ودمك وشعرك وبشرك وأهلك وولدك وسائر ما تحويه يدك، حالّ في كلّ حال بكنف الأثرة والخصوص والإحسان والقبول عندنا، محروس في جاهك وموقعك وحالك، فاسكن إلى ذلك واعتمده، ولك علينا في الوفاء به عهد الله وميثاقه. وقد حمّلنا أبا سعد، أعزه الله، في هذا الباب ما يذكره لك، والله نستعين على النية فيك، وهو حسبنا» والتوقيع بخط عضد الدولة: «اعتمد ذلك واسكن إليه وثق بالله إن شاء الله تعالى» .

ودخل عضد الدولة إلى بغداد فأجراه على رسمه، ووقع بإقرار إقطاعه وإمضاء


[١] يعد أبو نصر ابن السراج من أقوى المؤازرين لابن بقية، ثم انقلب هذا عليه ونكل به (انظر صفحات متفرقة من تجارب الأمم) .

<<  <  ج: ص:  >  >>