للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قابلت بالزفرات هبّة ريحها ... وحكيت بالعبرات درّة سجلها

فلو أن عيني راهنت بدموعها ... يمناك في السقيا لفزت بخصلها

قال: قد كان أبو إسحاق يكاتب عضد الدولة في الحبس بالأشعار ويرقّقه، فما رققه شيء كقصيدته القافيّة، ومنها:

أجل في البنين الزّهر طرفك إنهم ... حووا كلّ مرأى للأحبة مؤنق

وتمّت لك النعمى بقرب كبيرهم ... فأهلا به من طارق خير مطرق

موال لنا مثل النجوم مطيفة ... بمولى موال منك كالبدر مشرق

وقد ضمّهم شمل لديك مؤلّف ... فأرث لذي الشمل الشتيت المفرق

وإن كنت يوما عنهم متصدّقا ... فمن مثل ما خوّلت فيهم تصدّق

فلي مقلة تقذى إذا ما مددتها ... إلى حلّة ممن أعول ودردق

إناث وذكران أبيت من أجلهم ... على كمد بين الحجابين مقلق

رسائلهم تأتي بما يلذع الحشا ... ويصدع قلب النازع المتشوق

فباكية ترثي أباها ولم يمت ... وبائنة من بعلها لم تطلّق

وزغب من الأطفال أبناء منزل ... شوارد عنه كالقطا المتمزق

إذا حرّقوا قلبي بنجواهم انثنت ... علاك تناجيني فتطفي تحرّقي

شهدت لئن أنكرت أنك صنتني ... ولم أرع ما أوليتني من ترفّق

لقد ضيّع المعروف عندي وأصبحت ... ودائعه مودوعة عند أحمق

وحبسك لي جاه عريض ورفعة ... وقيدك في ساقيّ تاج لمفرقي

وما موثق لم تطّرحه بموثق ... ولا مطلق لم تصطنعه بمطلق

خلا أن أعواما كملن ثلاثة ... تعرقت البقيا أشدّ تعرق

وقد ظمئت عيني التي أنت نورها ... إلى نظرة من وجهك المتألق

فيا فرحتي إن ألقه قبل ميتتي ... ويا حسرتي إن متّ من قبل نلتقي

خدمتك مذ عشرون عاما موفقا ... فهب لي يوما واحدا لم أوفّق

<<  <  ج: ص:  >  >>