للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن يك ذنب ضاق عندي عذره ... فعندك عفو واسع غير ضيق

قال: وسمعت أبا الريان حامد [١] بن محمد الوزير يقول لجدي، وهما في مجلس أنس وأنا حاضر معهما، لما أنفذت القصيدة اللامية [٢] بالتهنئة عند قدوم عضد الدولة من الزيارة عرضتها عليه في وقت كان عبد العزيز بن يوسف غير حاضر فيه، فقرأها ثمّ رفع رأسه إليّ وإلى [أبي] عبد الله ابن سعدان، وكنت آمنه عليك وأعلم أنّ اعتقاده يوافق اعتقادي فيك، فقال: قد طال حبس هذا المسكين ومحنته، فقبّلت أنا وهو الأرض عند ذلك، فقال لنا: كأنكما تؤثران إطلاقه، قلنا: إنّ من أعظم حقوقه علينا وذرائعه عندنا أن عرفناه في خدمتك وخالطناه في أيامك، قال: فإذا كان هذا رأيكما فيه فانفذا وأفرجا عنه، وتقدّما إليه عنا بملازمة منزله إلى أن يرسم له ما [يليق] بمثله. قال أبو الريان، فخرجت مبادرا وأنفذت لشكرستان صاحبي، وأنفذ ابن سعدان محمدا لاواتيه [؟] وانتظرت عودهما بما فعلاه من صرفك إلى دارك، فأبطا عليّ، وكنت أعرف من عادة عضد الدولة أنه يتقدم بالأمر ثم يسأل عنه، فإن كان قد فعل أمضاه ولم يرجع، وإن تأخر فربما بدا له رأي مستأنف في التوقف عنه، فدخلت إلى عضد الدولة في عرض ما أطالعه به [وقلت] : سمع الله في مولانا ما دعي له، فقال: ما تجدد؟

قلت: شاهد الناس أبا إسحاق الصابىء وقد أخرج من محبسه ومضى إلى داره فأكثروا من الدعاء والشكر، فسكت. وشغلت عضد الدولة علته وما أفضى إليه من منيته عن النظر في أمره إلا أنه وصل إلى حضرته فيما بين الإطلاق واشتداد العلة في أيام متفرقة فتفقده بثياب ونفقات عدة دفعات.

وكان [٣] الصاحب ابن عباد يحبّه أشدّ الحبّ ويتعصّب له ويتعاهده على بعد الدار بالمنح، وكان الصابىء منذ حبسه عضد الدولة متعطلا إلى أن مات، فكان يواصل حضرة الصاحب بالمدح؛ قال أبو منصور: فقرأت له فصلا من كتاب في ذكر صلة وصلت منه إليه استطرفته جدا وهو: «ورد- أطال الله بقاء سيدنا- أبو العباس أحمد بن


[١] ذيل التجارب: حمد.
[٢] الأرجح أنها القصيدة التي مطلعها: «أهلا بأشرف أوبة وأجلها» .
[٣] اليتيمة ٢: ٢٤٥- ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>