للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسن [١] وأبو محمد جعفر بن شعيب حاجّين، فعرّجا إليّ ملمّين، وعاجا عليّ مسلّمين، فحين عرفتهما وقبل أن أردّ السلام عليهما مددت اليد إلى ما معهما [٢] ، كما مدّها حسان بن ثابت إلى رسول جبلة بن الأيهم، ثقة مني بصلته، وتشوقا إلى تكرمته، واعتيادا لإحسانه، وإلفا لموارد إنعامه، وتيقنا أن الخطرة مني على باله مقرونة [٣] بالنصيب من ماله، وأن ذكراه لي مشفوعة بجدواه علي، وقمت عند ذلك قائما، وقبّلت الأرض ساجدا، وكررت الدعاء والثناء مجتهدا، وسألت الله أن يطيل له البقاء كطول يده بالعطاء، ويمدّ له في العمر كامتداد يده على الحر، وأن يحرس [على] هذا البدد القليل العدد من مشيخة الكتاب ومنتحلي الآداب ما كنفهم به من ذراه، وأفاءه عليهم من نداه، وأسامهم فيه من مراتعه، وأعذبه لهم من شرائعه التي هم محلأون إلا عنها ومحرومون إلا منها» .

وكان [٤] الصاحب يتمنى انحياز أبي إسحاق إلى جنبته، وقدومه إلى حضرته، ويضمن له الرغائب على ذلك إما تشوقا وإما تشرفا. وكان أبو إسحاق يحتمل ثقل الخلّة وسوء أثر العطلة ولا يتواضع للاتصال بجملة الصاحب بعد كونه من نظرائه وتحلّيه بالرياسة في أيامه. قال [٥] وأخبرني ثقات منهم أبو القاسم علي بن محمد الكرخي، وكان شديد الاختصاص بالصاحب أنه كثيرا ما كان يقول: كتاب الدنيا وبلغاء العصر أربعة: الأستاذ ابن العميد وأبو القاسم عبد العزيز بن يوسف وأبو إسحاق الصابىء، ولو شئت لذكرت الرابع، يعني نفسه. فأما الترجيح بين هذين الصدرين [٦] ، أعني الصاحب والصابىء، في الكتابة فقد خاض فيه الخائضون وأطنب المحصلون [٧] ؛ ومن أشفى [٨] ما سمعته في ذلك أن الصاحب كان يكتب كما يريد، وأبو إسحاق يكتب


[١] اليتيمة: الحسين.
[٢] اليتيمة: مددت اليد إليهما.
[٣] اليتيمة: الخطور ... بباله ... مقرون.
[٤] اليتيمة ٢: ٢٤٦.
[٥] المصدر نفسه.
[٦] المختصر: صادي الصّادين.
[٧] اليتيمة: وأخب فيه المخبون.
[٨] ر: أشفّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>