بقية بيده، ولم يستقص ابن بقية عليه لحقّ كان قد أوجبه عليه أيام كون عضد الدولة ببغداد، فكتب أبو إسحاق إلى ابن بقية من الحبس:
ألا يا نصير الدين والدولة التي ... رددت إليها العزّ إذ فات ردّه
أيعجزك استخلاص عبدك بعدما ... تخلّصت مولاك الذي أنت عبده
وكتب أبو إسحاق إلى المطهر بن عبد الله وزير عضد الدولة، وقد عرضت له شكاة:
ولو استطعت أخذت علّة جسمه ... فقرنتها مني بعلّة حالي
وجعلت صحّتي التي لم تصف لي ... بدلا له من صحة الإقبال
فتكون عندي العلّتان كلاهما ... والصحتان له بغير زوال
قرأت بخط أبي علي ابن إبراهيم الصابىء، كتب والدي إلى بعض إخوانه:
«كانت رقعتك يا سيدي وصلت إليّ مشتملة من لطيف تفضلك وبرّك، وأنيق نظمك ونثرك، على ما شغلني الاستحسان له، والاسترواح إليه، وتكرير الطرف في مبانيه، والفكر في معانيه، عن الشروع في الإجابة عنه، ثم تعاطيتها فوجدتني بين حالين:
إما أوجزت إيجازا يظنّ معه التقصير، أو أطلت إطالة يظهر فيها القصور، فرأيت أولى الأمرين بذل الممكن واستنفاد الجمهود، بعد تقديم الإقرار والاعتراف بفضلك:
فسبحان ربّ كريم حباك ... بطول اللسان وطول البنان
ووفّاك من فضل إنعامه ... كمالا تقصّر عنه الأماني
فما كنت أحسب أنّ الزمان ... يزان [١] بمثلك لولا عياني
ومن خطه: حدثني والدي أبو إسحاق قال: راسلت أبا الطيب المتنبي رحمه الله في أن يمدحني بقصيدتين وأعطيه خمسة آلاف درهم، ووسطت بيني وبينه رجلا من وجوه التجار، فقال: قل له والله ما رأيت بالعراق من يستحقّ المدح غيرك، ولا أوجب عليّ في هذه البلاد أحد من الحق ما أوجبت، وإن أنا مدحتك تنكّر لك الوزير- يعني أبا محمد المهلبي- وتغير عليك. لأنني لم أمدحه، فإن كنت لا تبالي
[١] ر: يوات (يواتي) .