للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا راكب الجسرة العيرانة الأجد ... تدمى مناسمها في الحزن والجدد

أبلغ أبا قاسم نفسي الفداء له ... مقالة من أخ للحقّ معتمد

أنصفت فيها ولم أظلم وما حسن ... بالمرء إلا مقال الحقّ والسدد

في كلّ يوم لكم فتح له خطر ... يشاد فيه بذكر السّيد العضد

وما لنا مثله لكننا أبدا ... نجيبكم بجواب الحاسد الكمد

فأنت أكتب منّي في الفتوح وما ... تجري مجيبا إلى شأوي ولا أمدي

إذ لست تعرفها تأتيك من أحد ... ولست أعرفها تمضي إلى أحد

وما ذممت ابتدائي إذ بدأتكم ... ولا جوابكم في القرب والبعد

وإنما رمت أن أثني على ملك ... مستطرد بدليل فيه مطرد

قال: فلما استتمها قال لأبي طاهر: ما قصد أبو إسحاق في هذه الأبيات؟

وسمعها أبو طاهر صفحا، وقد كان شرب أقداحا ولم يعلق بذكره من الأمر إلا ذكر المجلس، واشتهر خبرها عند كلّ أحد، فلما عاد عضد الدولة إلى شيراز سألني أبو طاهر ابن بقية عنها، وطالبني بإنشادها إياه فلم يمكنّي إنكارها فغيرتها في الحال على هذا [الوجه] :

يا راكب الجسرة العيرانة الأجد ... تدمى مناسمها في الحزن والجدد

أبلغ أبا قاسم نفسي الفداء له ... مقالة من أخ للودّ معتقد

أنصفت فيها ولم أظلم ولا حسن ... بالمرء إلا مقال الحقّ والسدد

قد أعجبتك فتوح أنت كاتبها ... تردّد السجع فيها غير متئد

خلا لك الجوّ إذ أصبحت منتشيا ... تشدو بها طربا كالطائر الغرد

تروعني كلّ يوم منك رائعة ... تبغي الجواب لها من موجع كمد

فأنت أكتب مني في الفتوح وما ... تجري مجيبا إلى شأوي ولا أمدي

أعطيتني شرّ قسميها وفزت بما ... فيه الفوائد من قرب ومن بعد

فاشكر إلاهك واعذرني فقد صدئت ... قريحتي من زمان مقرف نكد

ثم سعي بأبي إسحاق إلى عزّ الدولة حتى قبض عليه بعد أن أعطانا أمانا كتبه ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>