للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلتفت إلى لومهما، ولا يترك سجيّته.

ومن نوادره أن بعض من كان يحضر مجلسه قال له يوما: القفا يقصر أو يمدّ؟

فقال: يمد ويقصر. ومنها أنه لما صنف الكمال عبد الرحمن بن الأنباري كتاب «الميزان» في النحو، وعرض على ابن الخشاب، قال: احملوا هذا الميزان إلى المحتسب، ففيه عيب.

وكان بينه وبين ابن الشجريّ العلوي النحوي مفاوضة، وصنّف في الردّ عليه كتبا. وكان يشنأ أصحابه، ويقع فيهم، وكان من أصحاب ابن الشجري محمد بن علي العتابي النحوي، فاتفق أن أهدى ملك كيس إلى بغداد هدايا في جملتها حمار عتابي، فجعل من حضر مجلسه يتفاوضون في [أمره] ويعجبون من حسنه، فقال يا قوم: لا تعجبوا من الحمار العتابي فهوذا عندنا عتابي حمار فلا تعجبون منه.

ومنها أنه كان يوما في داره في وقت القيلولة، والحرّ شديد وقد نام، إذ طرق الباب عليه طرقا مزعجا فانتبه وخرج مبادرا، وإذا رجلان من العامة، فقال: ما خطبكما؟ فقالا: نحن شاعران، وقد قال كل واحد منا قصيدة، وزعم أنها أجود من قصيدة صاحبه، وقد رضينا بحكمك. فقال: ليبدأ أحدكما. قال: فأنشد أحدهما قصيدته، وهو مصغ إليه، إلى أن فرغ منها، وهمّ الآخر بالإنشاد، فقال له ابن الخشاب: على رسلك، شعرك أجود، فقال: كيف خبرت شعري ولم تسمعه؟

فقال: لأنه لا يمكن أن يكون شيء أنحس من شعر هذا.

وجدت على ظهر كتاب بخط ابن الخشاب: أنشدني ابن الخازن الكاتب لابن الحجاج:

والسعيد الرشيد من شكر النا ... س له سعيه بمال الناس

فقلت في الحال هادما ومقابلا:

والشقيّ الشقي من ذمّه الناس ... على بخله بمال الناس

فأنشدته ذلك، فقال ابن الخازن: هذا والله خير من قول ابن الحجاج. وصدق هو خير منه، هكذا قال الشيخ عن شعر نفسه.

ومن شعره ملغزا في الكتابة:

وذي أوجه لكنه غير بائح

البيتان

<<  <  ج: ص:  >  >>