نابت وسادي أطراب تؤرّقني ... لما غدوت لقى «١» في قبضة النوب
عمرت خدن المساعي غير مضطهد ... كالنصل لم يدّنس يوما «٢» ولم يعب
فاذهب عليك سلام المجد ما قلقت ... خوص الركائب بالأكوار والشعب
وحدث أبو الحسن الطرائفي قال: كان أبو الفتح عثمان بن جني يحضر بحلب عند المتنبي كثيرا ويناظره في شيء من النحو من غير أن قرأ عليه شيئا من شعره أنفة وإكبارا لنفسه، وكان المتنبي يقول في أبي الفتح: هذا رجل لا يعرف قدره كثير من الناس.
وسئل المتنبىء بشيراز عن قوله:
وكان ابنا عدوّ كاثراه ... له ياءي حروف أنيسيان
فقال: لو كان صديقنا أبو الفتح حاضرا لفسّره.
وحدث أبو إسحاق إبراهيم بن علي الحصري في «كتاب النورين» : وقال بعض أهل العصر وهو أبو الفتح عثمان بن جني النحوي «٣» :
غزال غير وحشيّ ... حكى الوحشيّ مقلته
رآه الورد يجني الور ... د فاستكساه حلّته
وشمّ بأنفه الريحا ... ن فاستهداه زهرته
وذاقت ريحه «٤» الصهبا ... ءفاختلسته نكهته
وكان أبو الفتح ابن جني ممتّعا باحدى عينيه، فلذلك يقول في صديق له «٥» :
صدودك عنّي ولا ذنب لي ... دليل على نية فاسده
فقد وحياتك مما بكيت ... خشيت على عيني الواحده
ولولا مخافة أن لا أراك ... لما كان في تركها فائده