ونكء القرح بالقرح أوجع، وأكثر ما جرّ عليّ هذه الفادحة تطيّري بفلان، فإنه بكّر عليّ يوم النوروز متأبطا طومارا أطول من يوم الحشر، قد أربى ذراعا على العشر، يضيق عنه نطاق النشر، ملأه نظما ونثرا في مرثية جارية له قد ماتت منذ خمسين سنة ذكر فيه غرتها ونقرتها «١» ، وطرّتها ودرّتها، وعمرتها «٢» وخمرتها، وسرّتها وصرّتها، فتشفعت إليه، وتضرعت بين يديه، وقلت له: أنشدك الله إلا طويته وأدرجته، وأدخلته من حيث أخرجته، فأبى إلا جماحا في المسحل «٣» ، وسلّ مقولا كالمعول، وجعل يكيل من تلك الأهواس، إذا قرأ سطرا عاد إلى الراس، وحكى أساطير الأولين، ورفع العويل والأنين، وأرسل المخاط والذنين «٤» ، كلّما قال لفظة سعل، وأخرج من قعر حلقه جعل، وأنا أنزوي كما تنزوي الجلدة في النار، وألتوي كما تلتوي الحية في الأوار «٥» ، لا يمكنني أن أقرّ، ولا يتركني «٦» حتى أفرّ، إلى نصف النهار، ولم ينصف بعد الطومار، وقمنا إلى المفروض وكما انفصلت من ذلك المكان، وصل كتاب التحويل إلى المولتان، وحمّت المسكينة في الحال، ووقعنا في الأوجال، والله نصيري على الزمان والاخوان وحسيبي، وقد قل منه ومنهم حظي ونصيبي.
فصل من كتاب: الصحبة نسبة في شرع الكرم، والمعرفة عند أهل النهى أوفى الذمم «٧» ، والأخوّة لحمة دانية، والمصافاة قرابة ثانية، ولو كان ما بين ذات البين ما بين القطبين، لوجب أن يقطعا عرض السماء كالمجرة مواصلة، ويتصلا اتصال الكواكب مراسلة، ولكن الأقوام «٨» في العقوق سواسية، والقلوب في رعاية الحقوق قاسية.