كلامك يقطع الدم، وقام وانصرف. وفي رواية علي بن إبراهيم قال: فلما سمع الحجام الكلام قال: يا قوم هذا رجل قد ثار به المرار ولا ينبغي أن يخرج دمه في هذا الوقت وانصرف.
(قال أبو بكر: القصب: الموضع الذي يجتمع فيه الدم، وتبيغ: هاج وهو من البغي أصله تبغى فقدمت الياء وأخرت الغين) .
كان «١» أبو علقمة النحوي لا يدع الإعراب في كلامه، فقال للطبيب: أجد رسيسا في أسناخي وأحسّ وجعا فيما بين الوابلة إلى الأطرة من دأيات العنق، فقال له الطبيب: خذ خزانا وسلقفا وشربقا فزهزقه وزقزقه واغسله بماء روث واشربه، فقال له أبو علقمة: أعد فاني لم أفهم، فقال: أخزى الله أقلنا إفهاما لصاحبه.
وجمش امرأة كان يهواها فقال: يا خريدة قد كنت إخالك عروبا فإذا أنت نوار، مالي أمقك فتشنئيني؟ فقالت: يا رقيع ما رأيت أحدا يحبّ أحدا فيشتمه سواك.
وقال «٢» لحجام حجمه: أشدد قصب الملازم، وأرهف ظبات المشارط، وأمرّ المسح واستنجل الرشح، وخفف الوطء وعجّل النزع، ولا تكرهنّ آبيّا ولا تمنعن آتيا.
ورأى رجل «٣» أبا علقمة على بغل مصري حسن فقال له: إن كان مخبر هذا البغل كمنظره فقد كمل، فقال أبو علقمة: والله لقد خرجت عليه من مصر فتنكبت الطريق مخافة السرّاق وجور السلطان، فبينا أنا أسير في ليلة ظلماء قتماء طخياء مدلهمّة حندس داجية في ضحضح أملس واذا حسّ نبأة من صوت تعر أو طيران ضوع أو نقض سبد، فحاص عن الطريق متنكبا بعزة نفسه وفضل قوّته، فبعثته باللجام فعسل، وحركته بالركاب فنسل، وانتعل الطريق يغتاله معتزما، والتحف الليل لا يهابه مظلما، فو الله ما شبهته إلا بظبية نافرة تحفزها فتخاء شاغية، فقال الرجل: يا هذا ادع الله واسأله أن يحشر هذا البغل معك يوم القيامة، قال: ولم؟ قال ليجيزك الصراط بطفرة.