للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنت صانع سواد، فمن أين لك هذا الحذق بهذه الصنعة؟ فقال: وحقّك ما كنت أحسن من هذا شيئا، ولكنّ حجام الخليفة اجتاز بنا بهذا الموضع في العام الماضي فتعلمت منه هذا، فضحكت منه وأمرت له بثلاثين دينارا مع ما تمّ له من معاريض كلامه في الدفعتين جميعا.

وأنشد جحظة في أماليه لنفسه يرثي حمدون النديم، كذا قال ولم يعينه:

أيعذب من بعد ابن حمدون مشرب ... لقد كدّرت بعد الصفاء المشارب

أصبنا به فاستأسد الضّبع بعده ... ودبّت إلينا من أناس عقارب

وقطّب وجه الدهر بعد وفاته ... فمن أيّ وجه جئته فهو قاطب

بمن ألج الباب السديد حجابه ... إذا ازدحمت يوما عليه المواكب

بمن أبلغ الغايات [١] أم من بجاهه ... أنال وأحوي كلّ ما أنا طالب

فأصبحت حلف البيت خلف جداره ... وبالأمر مني تستعيذ النجائب

وقال جحظة في أبي جعفر ابن حمدون، ولا أعرفه إلا أنه كذا أورده في أماليه:

أبا جعفر لا تنال العلا ... بتيهك في المجلس الحاشد

ولا بغلام كبدر التمام ... ركّب في غصن مائد

ولا بازيار إذا ما أتاك ... يخطر بالزّرق الصائد [٢]

فكيف وما لك من شاكر ... وكيف وما لك من حامد

أتذكر إذ أنت تحت الزمان ... وحيدا بلا درهم واحد

وتحدّث جحظة في أماليه قال، قال لي أبو عبد الله ابن حمدون: حسبت ما وصلني به المتوكل في مدة خلافته وهي أربع عشر سنة وشهور فوجدته ثلاثمائة وستين ألف دينار، ونظرت فيما وصلني به المستعين في مدة خلافته وهي ثلاث سنين ونيف فكان أكثر مما وصلني به المتوكل، ثم خلع المستعين وحدر إلى واسط ومنع من كلّ شيء الا القوت، فاشتهى نبيذا فخرجت دايته إلى أهل واسط فتشكّت ذلك اليهم،


[١] الوافي: العلياء.
[٢] م: بالذر والصائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>