وكان قليل القدرة على شرب النبيذ لأجل ذلك، واتفق أنه كان يوما عند أبي الفتح بن أبي علي حمد كاتب قابوس بن وشمكير وأنا معه، على عادة كانت لنا في الاجتماع، فدخل أبو علي إلى الموضع ونظر إلى ما كان بأيدينا من الكتب وتناشد هو وابن هندو الشعر، وحضر الطعام فأكلنا، وانتقلنا إلى مجلس الشراب، ولم يطق ابن هندو المساعدة على ذلك، فكتب في رقعة كتبها إليه:
قد كفاني من المدام شميم ... صالحتني النّهى وثاب الغريم
هي جهد العقول سمّي راحا ... مثل ما قيل للّديغ سليم
إن تكن جنة النعيم ففيها ... من أذى السكر والخمار جحيم
فلما قرأها ضحك وأعفاه من الشرب.
وأنشد أبو الفضل له:
قالوا اشتغل عنهم يوما بغيرهم ... وخادع النفس إن النفس تنخدع
قد صيغ قلبي على مقدار حبهم ... فما لحبّ سواهم فيه متسع
وحدث أبو الفضل البندنيجي قال: أنشدت يوما أبا الفتح بن أبي علي حمد قول ابن المعتز «١» :
سعى إلى الدنّ بالمبزال يبقره ... ساق توشّح بالمنديل حين وثب
لما وجاها بدت صهباء «٢» صافية ... كأنّما قدّ سيرا من أديم ذهب
ومثله قول ابن سكرة:
ثم وجاها بشبا مبزل ... فاستلّ منها وترا مذهبا
فقال قول ابن هندو أحسن «٣» :
وساق تقلّد لما أتى ... حمائل زقّ ملاه شمولا
فلله درّك من فارس ... تقلّد سيفا يقدّ العقولا
قال: فجاريت ابن هندو من بعد، وقد اجتمعت معه، الأبيات، وقلت له: إن