وحدث المرزباني «١» فيما رفعه إلى الكسائي قال: أحضرني الرشيد سنة اثنتين وثمانين ومائة في السنة الثالثة من خلافته فأخرج إليّ محمدا الأمين وعبد الله المأمون كأنهما بدران فقال: امتحنهما بشيء، فما سألتهما عن شيء إلا أحسنا الجواب فيه، فقال لي: كيف تراهما فقلت:
يسدّان آفاق السماء بهمّة ... يؤيدها حزم ورأي وسؤدد
سليلي أمير المؤمنين وحائزي ... مواريث ما أبقى النبي محمد
حياة وخصب للوليّ ورحمة ... وحرب لأعداء وسيف مهند
ثم قلت: فرع زكا أصله، وطاب مغرسه، وتمكنت فروعه، وعذبت مشاربه، آواهما ملك أغرّ نافذ الأمر واسع العلم عظيم الحلم، أعلاهما فعلوا، وسما بهما فسموا، فهما يتطاولان بطوله، ويستضيئان بنوره، وينطقان بلسانه، فأمتع الله أمير المؤمنين بهما، وبلّغه الأمل فيهما، فقال: تفقدهما، فكنت أختلف إليهما في الأسبوع طرفي نهارهما.
وحدث الخطيب باسناد رفعه إلى سلمة قال «٢» : كان عند المهدي مؤدّب يؤدّب الرشيد، فدعاه المهديّ يوما وهو يستاك فقال له: كيف تأمر من السواك قال استك يا أمير المؤمنين، فقال المهدي: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم قال: التمسوا لنا من هو أفهم من ذا، فقالوا: رجل يقال له علي بن حمزة الكسائي من أهل الكوفة قدم من البادية قريبا، فكتب بازعاجه من الكوفة، فساعة دخل عليه قال: يا علي بن حمزة، قال: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: كيف تأمر من السواك، قال: سك يا أمير المؤمنين، قال: أحسنت وأصبت، وأمر له بعشرة آلاف درهم.
وحدث المرزباني عن عبد الله بن جعفر عن ابن قادم عن الكسائي قال: