فرفعوا ذكره لم يكن شيئا، وعلمه مختلط بلا حجج ولا علل إلا حكايات الأعراب مطروحة لأنه كان يلقنهم ما يريد، وهو على ذلك أعلم الكوفيين بالعربية والقرآن، وهو قدوتهم وإليه يرجعون.
وحدث المرزباني في كتابه قال «١» : كتب الكسائي إلى الرشيد وهو يؤدّب محمدا الأمين:
قل للخليفة ما تقول لمن ... أمسى إليك بحرمة يدلي
ما زلت مذ صار الأمين معي ... عبدي يدي ومطيتي رجلي
وعلى فراشي ما ينبّهني ... من نومتي بقيامه قبلي
أسعى برجل منه ثالثة ... نقصت زيادتها من الرجل
فامنن عليّ بما يسكّنه ... عني وأهد الغمد للنصل
قال: فضحك الرشيد وأمر له ببرذون بسرجه ولجامه، وبجارية حسناء بآلتها، وخادم وعشرة آلاف درهم.
قيل للكسائي: قد أبحت علمك الناس، فقال: يعين الله عليهم بالنسيان.
من «مجالسات ثعلب» : وصف ابن الأعرابي الكسائي فقال: كان أعلم الناس على رهق فيه، يريد إتيان ما يكره لأنه كان يشرب الشراب ويأتي الغلمان.
قال: ومن شعر الكسائي «٢» :
إنما النحو قياس يتبع ... وبه في كلّ أمر ينتفع
فإذا ما أبصر «٣» النحو الفتى ... مرّ في المنطق مرّا فاتّسع
فاتّقاه جلّ من جالسه ... من جليس ناطق أو مستمع
وإذا لم يبصر «٤» النحو الفتى ... هاب أن ينطق جبنا فانقطع
فتراه يرفع النصب وما ... كان من خفض ومن نصب رفع