السحاب. فقال: لا بد من ذلك، فجمعت العجالة والبداهة هنالك، وقلت في الحال في مقام الارتحال، وكتبت بقلم الارتجال على قرطاس الاستعجال:
سرى طيفه وهنا ولي فيه مطمع ... وبرق الأماني في دجى الهجر يلمع
ويأبى حقين الهجر عذرة طيفه ... فلم أدر في مهوى الهوى كيف أصنع
لقد يحمد القوم السّرى في صباحهم ... زمان تلاق عنده الشمل يجمع
وها أنا أسري في ظلامي وإنني ... أذمّ صباحي والخلائق هجّع
أقول لصبري أنت ذخري لدى النوى ... وذخر الفتى حقا شفيع مشفّع
وأسكن ماء العين ناري وإنما ... هواء الهوى من تربة الطيف أنقع
رأيت معيديّ الخيال فقال من ... جهينة أخبار المعيديّ تسمع
دعوت إلى حيس الهوى جندب الهوى ... فولّى وطرف العين في النوم يرتع «١»
وقال لنفسي لا تموتي صبابة ... لعلّ زمانا قد مضى لك يرجع
ولم يبق مني غير ما قلت منشدا ... «حشاشة نفس ودّعت يوم ودّعوا» «٢»
فلاذ بشمس الدين يعقوب من له ... نجوم لها في مشرق المجد مطلع
أجلّك يا يعقوب عن كنه مدحتي ... لأنك عن مدحي أجلّ وأرفع
ثم قال: شرفني بعد ذلك بقصيدة أولها:
ألا أبلغ إلى سلمى السلاما
فأجبت، وقلت بعد الجواب علاوة للتصديع والابرام، على طريق أداء شكر النعم، اللائق بأحوال الخدم:
يا صاحبي كسدت أسواق أشواقي ... والتفّت الساق يوم الهجر بالساق