للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمستجير والخطوب تنوشه ... مستطعم والدهر فيه آكل

ولمعشر طرق العلوم ذنوبهم ... في الناس وهي لهم إليك وسائل

قد كنت ملتحفا بمدحك حلّة ... فخرا تجرّ لها عليك ذلاذل

فاليوم أشكرك الصنيع مراثيا ... خرس المشبّب عندها والعاذل

قال هلال [١] : في عصر الجمعة لست بقين من صفر سنة خمس وثمانين وثلاثمائة توفي الصاحب كافي الكفاة أبو القاسم إسماعيل بن عباد بالريّ، ودفن من غد في داره، ونظر في الأمور بعده أبو العباس أحمد بن إبراهيم الضبي المتلقب بالكافي الأوحد، ومنزلة الصاحب وعلو قدره وما شاع من ذكره يغني عن الإطالة في وصف أمره. فحدثني [٢] القاضي أبو العباس أحمد بن محمد الباوردي قال: اعتلّ الصاحب أبو القاسم فكان أمراء الديلم ووجوه الحواشي وأكابر الناس يغادون بابه ويراوحونه، ويخدمونه بالدعاء وتقبيل الأرض وينصرفون، وجاءه فخر الدولة عدة دفعات، فيقال إن الصاحب قال له وهو على يأس من نفسه: قد خدمتك أيها الأمير الخدمة التي استفرغت فيها الوسع، وسرت في دولتك وأيامك السيرة التي حصّلت لك حسن الذكر بها، فإن أجريت الأمور بعدي على رسومها علم أن ذلك منك، ونسب الجميل فيه إليك، واستمرت الأحدوثة الطيّبة لك، ونسيت أنا في أثناء ما يثنى به عليك، وإن غيّرت ذلك وعدلت عنه، وسمعت أقوال من يحملك على خلافه ويسلك به في طريقه، كنت المذكور بما تقدم والمشكور عليه، وقدح في دولتك وذكرك ما يشيع آنفا عنك، فقال له في جواب [٣] ذلك ما أراه به قبول رأيه. فلما كان وقت غروب الشمس من ليلة الجمعة المذكورة قضى نحبه، وكان أبو محمد خازن الكتب ملازما داره على سبيل الخدمة له وهو عين لفخر الدولة في مراعاة الدار وما فيها، فأنفذ في الحال وعرّفه الخبر، فأنفذ فخر الدولة خواصّه وثقاته حتى احتاطوا على الدار والخزائن ووجدوا له كيسا فيه رقاع أقوام بمائة ألف وخمسين ألف دينار مودعة عندهم، فاستدعاهم وطالبهم بذلك فأحضروه، وكان فيه ما هو بختم مؤيد الدولة، ورجّمت الظنون فيه فقيل إنه


[١] انظر ذيل تجارب الأمم لأبي شجاع: ٢٦١.
[٢] ر: فحدث.
[٣] ر: أثناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>