للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذه من خيانة، وقيل: إنه أودعه لولد مؤيد الدولة عن وصية منه إليه، ونقل ما كان في الدار والخزائن إلى دار فخر الدولة، وجهّز الصاحب وأخرج تابوته وسط الناس، وقد جلس أبو العباس الضبي للعزاء به، فلما بدا على أيدي الحاملين له قامت الجماعة إعظاما له وقبلوا الأرض، ثم وقعت الصلاة عليه وعلّق بالسلاسل في بيت كبير إلى أن نقل إلى تربته بأصبهان. وكان القاضي أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد قد قال: لا أرى الرحمة عليه لأنه مات من غير توبة ظهرت منه، فطعن عليه بذلك، ونسب إلى قلّة الرعاية فيه. وقبض فخر الدولة على القاضي عبد الجبار وأسبابه وقرر أمرهم على ثلاثة آلاف ألف درهم، فأدّوا ذلك ورقا وعينا وقيمة عقار سلّموه، وباع في جملة ما باع ألف طيلسان محشّى وألف ثوب مصري، وقلد القضاء بعده علي بن عبد العزيز، وطالب أبا العباس الضبي أن يحصّل من الأعمال [١] والمتصرفين فيها ثلاثين ألف ألف درهم، وقال له: إن الصاحب أضاع الأموال وأهمل الحقوق، وينبغي أن يستدرك ما فات ويتتبّع ما مضى، فامتنع من ذاك مع تردّد القول فيه. وكتب أبو علي الحسن بن أحمد بن حمولة، وكان من أعلام [٢] الكتاب المتقدمين الذين استخصهم [٣] الصاحب وأقر لهم بالفضل، وقد قاد الجيوش الكثيرة فهزمهم، فقامت له الهيبة التامة في قلوب العساكر والملوك المجاورين، وكان عند موت الصاحب بجرجان مقيما مع الجيوش لمدافعة قابوس بن وشمكير وجيوش خراسان، فكتب يخطب الوزارة ويضمن ثمانية آلاف ألف درهم عنها، فأجيب بالحضور، فلما قرب قال فخر الدولة لأبي العباس الضبي: قد ورد أبو علي وعزمت على الخروج من غد لتلقّيه، وأمرت الجماعة من قوادي وأصحابي بالنزول له، ولا بد من خروجك وفعلك مثل ذلك، فثقل هذا القول على أبي العباس، وقال له خواصه وأصحابه: هذا ثمرة امتناعك عليه وتقاعدك عما دعاك له، وسيكون لهذه الحال ما بعدها، فراسل فخر الدولة وبذل له ستة آلاف ألف درهم على إقراره على الوزارة وإعفائه من تلقي أبي علي، وخرج فخر الدولة وتلقاه ولم يخرج أبو العباس، ورأى فخر الدولة أن من الصلاح لأمره الإشراك بينهما في وزارته، فسامح أبا علي بألفي ألف درهم من جملة الثمانية التي بذلها،


[١] فوقها في: العمال.
[٢] ر: أعيان.
[٣] ر: استنصحهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>