وسامح أبا العباس بألفي ألف درهم من جملة الستة التي ذكرناها، وقرر عليهما عشرة آلاف ألف درهم، وجمع بينهما في النظر، وخلع عليهما خلعتين متساويتين، ورتب أمرهما على أن يجلسا في دست واحد، ويكون التوقيع لهذا في يوم والعلامة للآخر وتجعل الكتب باسمهما يقدم هذا على عنواناتها يوما وهذا يوما، ووقع التراضي بذلك، وجرت الحال عليه، ونظرا في الأعمال وتحصيل الأموال، وقبضا على أصحاب الصاحب أبي القاسم ومن لحقته المسامحة في أيامه، وقرّرا عليهم المصادرات. وذكر القاضي أبو العباس عن أبي العلاء ابن المقرن أنه حدثه أنهما استخرجا من أصبهان وحدها جملة وافرة، وجرت حال غيرها من النواحي إلى مصادرة أهلها إلى مثل هذه الصورة، وأنفذا أبا بكر ابن رافع إلى استراباذ ونواحيها لاستيفاء ما يستوفيه من المعاملين والتنّاء فيها، فقيل إنه جمع الوجوه وأرباب الأحوال وأخّر الإذن لهم حتى تعالى النهار واشتد الحر، ثم أطعمهم طعاما أكثر ملحه ومنعهم الماء عليه وبعده، وقدّم إليهم الدواة والكاغد وطالبهم بكتب خطوطهم بما يصححونه، ولم يزل يستام عليهم فيه وهم يتلهفون عطشا إلى أن التزموا له عشرة آلاف ألف درهم، وتوقّف العمال والمتصرفون عن الخروج إلى قزوين لأن أهلها أهل امتناع وقوة، فبذل الفاراضي بن شير مردي الخروج إليها، وذكر أنه يعرف وجوه أموال فيها، وخرج وحاول مطالبة أهلها ومعاملتهم بمثل ما عومل به غيرهم، فاجتمعوا وهجموا عليه في داره وقتلوه. واجتمع لفخر الدولة من الأموال في الخزائن والقلاع ما كثّره المقللون، ثم تمزق بعد وفاته فلم يبق منه بقية في أسرع وقت. ثم مات فخر الدولة وولي الأمر بعده ابنه مجد الدولة أبو طالب رستم، واستولت السيدة والدته على الأمر. وأجري أمر الوزيرين على حاله في أيام فخر الدولة من التشارك في تدبير المملكة، ومزقا أموال فخر الدولة وبذّراها غاية التبذير، ثم نجم قابوس واستولى على جرجان وضام جيوش خراسان. فدعت الضرورة إلى تجهيز [١] جيش إليه وأن يخرج معه أحد الوزيرين، فتقارعا على من يخرج منهما، فوقعت القرعة على الجليل أبي علي الحسن بن أحمد بن حمولة، فخرج ومعه العساكر الحميلة، ووقعت بينه وبين قابوس وقائع