الزمان، ونادرة الفلك، وإنسان حدقة العلم، ودرة تاج الأدب، وفارس عسكر الشعر، يجمع خطّ ابن مقلة إلى نثر الجاحظ ونظم البحتري، وينظم عقد الاتقان «١» والاحسان في كلّ ما يتعاطاه (وأنشد بيت الصاحب المقدّم ذكره)«٢» وقد كان في صباه خلف الخضر في قطع عرض الأرض وتدويخ بلاد العراق والشام وغيرهما، واقتبس من أنواع العلوم والآداب ما صار به في العلماء علما وفي الكمال «٣» عالما، ثم عرج على حضرة الصاحب فألقى بها عصا المسافر، فاشتد اختصاصه به وحلّ منه محلّا بعيدا في رفعته، قريبا في أثرته، وسيّر فيه قصائد أخلصت على قصد، وفرائد أتت من فرد، وما منها إلا صوب العقل، وذوب الفضل. وتقلّد قضاء جرجان من يده، ثم تصرفت به أحوال في حياة الصاحب وبعد وفاته من الولاية والعطلة، وترقّى «٤» محلّه إلى قضاء القضاة بالري فلم يعزله إلا موته رحمه الله تعالى. وعرض عليّ أبو نصر المصعبي كتابا للصاحب بخطه إلى حسام الدولة أبي العباس تاش الحاجب في معنى القاضي أبي الحسن نسخته بعد التصدير والتسبيب: قد تقدم من وصفي للقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز فيما سبق إلى حضرة الأمير الجليل صاحب الجيش، دام علوّه، من كتبي ما أعلم أني لم أؤدّ فيه بعض الحق، وإن كنت دللته على جملة تنطق بلسان الفضل وتكشف عن أنه من أفراد الدهر في كل قسم من أقسام الأدب والعلم، فأما موقعه مني فالموقع الذي تخطبه هذه المحاسن وتوجبه هذه المناقب، وعادته معي ألا يفارقني مقيما وظاعنا ومسافرا وقاطنا، وقد احتاج الآن إلى مطالعة جرجان بعد أن شرطت عليه تصيير المقام كالالمام، فطالبني مكانه بتعريف الأمير مصدره ومورده، فإن عنّ له ما يحتاج إلى عرضه وجد من شرف إسعافه ما هو المعتاد من فضله ليتعجل إنكفاؤه إليّ بما رسم، أدام الله أيامه، من مظاهرته على ما يقدم الرحيل ويفسح السبيل من بذرقة «٥» إن احتاج إلى الاستظهار بها، ومخاطبة لبعض من في الطريق