للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى طعامه فبينما هو يأكل إذ امتخط في منديل الغمر [١] وبصق فيه، ثم أخذ زيتونة من قصعة فغمزها بعنف حتى طفرت نواتها فأصابت وجه الوزير، فتعجّب من سوء أدبه، فاحتمله لفرط علمه، ففي شره أبي رياش يقول ابن لنكك:

يطير إلى الطعام أبو رياش ... مبادرة ولو واراه قبر

أصابعه من الحلواء صفر ... ولكنّ الأخادع منه حمر

وله فيه:

أبو رياش بغى والبغي مصرعه [٢] ... فشدّد الغين ترميه بآبدته

عبد ذليل هجا للحين سيّده ... تصحيف كنيته في صدغ والدته

وله فيه وقد ولّاه المافروخي عملا بالبصرة:

قل للوضيع أبي رياش لا تبل ... ته كلّ تيهك بالولاية والعمل

ما ازددت حين وليت إلا خسة ... كالكلب أنجس ما يكون إذا اغتسل [٣]

ولابن لنكك فيه أشعار كثيرة، بعضها في أخبار ابن لنكك من «كتاب الشعراء» .

وجدت في موضع آخر من كتاب «نشوار المحاضرة» للقاضي التنوخي: كان أبو رياش أحمد بن أبي هاشم القيسي اليماميّ رجلا من حفاظ اللغة، وكان جنديا في أول أمره مع المسمعيّ برسم العرب، ثم انقطع إلى العلم والشعر وروايته لنا بالبصرة، وأنا حدث مع عمي حتى صرت رجلا وكتبت عنه وأخذت منه علما صالحا، وكان يتعصب على أبي تمام الطائي. وقال بعض الحاضرين لأبي إن من عيون شعر أبي رياش قوله في أبيات عند ذكر امرأة شبّب بها:

لها فخذا بختيّة تعلف النوى ... على شفة لمياء أحلى من التمر


[١] منديل الغمر: ما يستعمل لمسح الأيدي بعد الأكل.
[٢] اليتيمة: مهلكة.
[٣] نهاية النقل عن اليتيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>