وسألت الله واهب خصال الفضل له، وجامع خلال النبل فيه، وحائز جمال المروءة للزمان ببقائه، ومانح كمال المزية للاخوان بمكانه، أن يتولّى حفظ النعم النفيسة، ويديم حياطة هذه المنائح «٢» الخطيرة، بصيانة تلك الشيم العلية، حتى تستوفي المكارم أعلى حظّها في أيامه، وتحوز «٣» الفضائل أقصى غاياتها في مضماره:
فينجح ذو فضل ويكمد ناقص ... ويبهج ذو ودّ ويكبت حاسد
فصل: وما ارتضى نفسي لمخاطبة مولاي إلا إذا كنت منفيّ الشواغل، فارغ الخواطر، مخلّى الجوارح، مطلق الإسار، سليم الأفكار، فكيف بي مع كلال الحد، وانغلاق الفهم، واستبهام القريحة، واستعجام الطبيعة؟! والمعوّل على النية وهي لمولاي بظهر الغيب مكشوفة، والمرجع إلى العقيدة وهي بالولاء المحض معروفة، ولا مجال للعتب بين هذه الأحوال، كما لا مجاز «٤» للعذر وراء هذه الخلال.
وكتب إلى الصاحب أبي القاسم ابن عباد قصيدة منها:
إذا الغيوم «٥» ارجحنّ باسقها ... وحفّ أرجاءها بوارقها
وابتسمت فرحة لوامعها ... واحتفلت عبرة حمالقها
وقيل طوبى لبلدة نتجت ... بجوّ أكنافها بوارقها
فليسق غيث الندى أبا القاسم القرم وزير الأنام وادقها