وهي طويلة. ثم قال: هذه أطال الله بقاء مولاي تباريح أريحية أثارتها مخاطبات مولاي التي هي أنقع لغلّتي من برد الشراب، وأعجب إليّ من ردّ الشباب، فجاش الصدر بما أبرأ إليه من عهدته، وأسكنه ظلّ أمانته وذمته، ليسبل عليه ستر مودته، ويتأمّله بعين محبته، نعم وقد محا الزمان آثار إساءته إليّ، بما أسعفني به من إقبال مولاي عليّ، وتتابع برّه في مخاطباته لديّ، فكلّ ذنب لهذه النعمة مغفور، وكلّ جناية بهذا الاحسان مغمور.
فأجابه الصاحب بكتاب صدّره بأبيات منها:
بدت عذارى مدّت سرادقها ... وأقسم الحسن لا يفارقها
كواعب أخرست دمالجها ... عنّا وقد أنطقت مناطقها
أم روضة أبرزت محاسنها ... وما يني قطرها يعانقها
أم أشرقت فقرة بدائعها ... حديقة زانها طرائقها
لله حلف العلا أبو حسن ... وقد جرت للعلا سوابقها
لله تلك الألفاظ حاملة ... غرّ معان تعيي دقائقها
تكاد أعجازها تشككنا ... في سور أنها توافقها
وهي طويلة.
هذه أطال الله بقاء مولاي أبيات علّقتها، والرويّة لم تعتلقها، وأعنقت فيها والفكرة لم تعتنقها، لا ثقة بالنفس في وفائها، وسكونا إلى القريحة وصفائها، بل علما بأني وإن أعطيت الجهد عنانه، وفسحت للكدّ ميدانه، لم ادان ما ورد من ألفاظ أيسر ما أصفها به الامتناع على الوصف أن يتقصاها، والبعد عن الاطناب أن يبلغ مداها.
ولقد قرع سمعي منها ما أراني العجز يخطر بين أفكاري، والقصور يتبختر بين إقبالي وإدباري، إلى أن أفكرت في أن فضيلة المولى تشتمل عبده، وتخيّم وإن تصرفت عنده «١» . فثاب إلي «٢» خاطر نظمت به ما إن طالعه صفحا رجوت أن يحظى بطائل