أبا عليّ لقد طوّقتني مننا ... طوق الحمامة لا تبلى على القدم
فاسلم فليس يزيل الله نعمته ... عمن يبثّ الأيادي في ذوي النعم
وحدّث محمد بن يحيى الصولي أنه سمع علي بن محمد بن بسام يقول «١» :
كنت أتعشّق خادما لخالي أحمد بن حمدون، فقمت ليلة لأدبّ إليه، فلما قربت منه لسعتني عقرب فصرخت، فقال خالي: ما تصنع ها هنا؟ فقلت: جئت لأبول، فقال: صدقت في است غلامي، فقلت لوقتي:
ولقد سريت مع الظلام لموعد ... حصّلته من غادر كذّاب
فإذا على ظهر الطريق مغذّة ... سوداء قد عرفت أوان ذهابي
لا بارك الرحمن فيها عقربا ... دبابة دبّت إلى دباب
فقال خالي: قبحك الله لو تركت المجون يوما لتركته في هذه الحال.
ولابن بسام في علي بن عيسى «٢» الوزير:
رجوت لك الوزارة طول عمري ... فلما كان منها ما رجوت
تقدمني أناس لم يكونوا ... يرومون الكلام إذا دنوت
فأحببت الممات «٣» وكلّ عيش ... يحبّ الموت فيه فهو موت
ومن شعر ابن بسام من خط السمعاني «٤» :
أقصرت عن طلب البطالة والصبا ... لما علاني للمشيب قناع
لله إيام الشباب ولهوه ... لو أنّ أيام الشباب تباع
فدع الصبا يا قلب واسل عن الهوى ... ما فيك بعد مشيبك استمتاع
وانظر إلى الدنيا بعين مودّع ... فلقد دنا سفر وحان وداع
فالحادثات موكّلات بالفتى ... والناس بعد الحادثات سماع