للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أهل الرشا صاروا إليه ... فأحظى القوم أوفرهم بضاعه

فلا رحما تقرّب منه خلقا ... سوى الورق الصحاح ولا شفاعه

وليس بمنكر ذا الفعل منه ... لأن الشيخ أفلت من مجاعه

حدث أبو نصر أحمد بن العلاء الشيرازي الكاتب قال: لما تقلّد أبو الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات الوزارة كنت أجالسه وأوانسه، فحدثني يوما أن أباه حدثه قال: تقلدت مصر وكان بيني وبين أبي الحسين ابن بسام مودة ورضاع ونحن مختلطون، وأنا بمصر يوما فما شعرت إلا بابن بسام قد دخل إليّ متقلدا للبريد فافهمته أحوالي «١» ، وقاسمته أكثر مروءتي وأموالي، وتطلبت الخلاص من لسانه بكلّ شيء يمكن، وأوصيت حاجبي أن لا يحجبه عني ولو كنت مع زوجتي، فجاء يوما وأنا نائم فقال له الحاجب: ادخل، فدخل فوجدني نائما، فاستدعى دواة وكتب شيئا وتركه وانصرف، فلما انتبهت عرّفني حاجبي ذلك، فأخذت الرقعة فإذا فيها:

محتجب دون من يلمّ به ... وليس للخارجات حجّاب

لأنّ للخارجات منفعة ... تأتيه والداخلون طلّاب

قال فبعثت أعرف خبره لأعاتبه فإذا هو تحمّل وسار عن البلد، فكتبت إليه أداريه وألاطفه ليرجع فلم يجب.

قال التنوخي «٢» حدثني ابن أبي قيراط علي بن هشام حدثني أبو علي ابن مقلة قال: كنت أقصد ابن بسام لهجائه إياي، فخوطب ابن الفرات في وزارته الأولى في تصريفه فاعترضت وقلت، إذا صرّف فلا يحتبس الناس على مجالسنا وقد افترقت فإذا لم يضره الوزير فلا أقلّ من أن لا ينفعه، فامتنع من تصريفه قضاء لحقي، فبلغ ذلك ابن بسام فجاءني وخضع لي ثم لازمني نحو سنة حتى صار يختصّ بي ويعاشرني على البريد، ومدحني فقال:

يا زينة الدين والدنيا وما جمعا ... والأمر والنهي والقرطاس والقلم

إن ينسىء الله في عمري فسوف ترى ... من خدمتي لك ما يغني عن الخدم

<<  <  ج: ص:  >  >>