نهاية الحسن والنضرة فتقع المنافسة فيه، ويكاتب أبو علي في إيثار الحضرة به، فيتعلل ويتسلل لواذا ولا يفرج عنه إلى أن كان من كشف أبي علي قناع العصيان، وانهزامه في وقعة خرجيك «١» إلى الصغانيان ما كان، وحصل أبو القاسم في جملة الأسرى من أصحاب أبي علي، فحبس في القهندز «٢» وقيّد، مع حسن الرأي فيه وشدة الميل إليه. ثم إن الأمير الحميد نوح بن نصر أراد أن يستكشفه عن سره، ويقف على خبيئة صدره، فأمر أن تكتب إليه رقعة على لسان بعض المشايخ ويقال له فيها إن أبا العباس الصاغاني قد كتب إلى الحضرة يستوهبك من السلطان ويستدعيك إلى الشاش لتتولى له كتابة الكتب السلطانية فما رأيك في ذلك؟ فوقع في الرقعة: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ
(يوسف: ٣٣) فلما عرض توقيعه على الحميد حسن موقعه منه وأعجب به وأمر باطلاقه والخلع عليه وإقعاده في ديوان الرسائل خليفة لأبي عبد الله الحسين بن العميد الملقب بكله، وهو والد أبي الفضل ابن العميد، وكان الاسم للعميد والعمل لأبي القاسم، وعند ذلك قال بعض مجان الحضرة «٣» :
تبظرم الشيخ كلّه ... ولست أرضى ذاك له
كأنه لم ير من ... أقعد عنه بدله
والله إن دام على ... هذا الجنون والبله
فانه أول من ... تنتف منه السّبله
وكان أبو القاسم يهجوه فقال فيه، وكان يحضر الديوان في محفة لسوء أثر النقرس على قدمه «٤» :