بختيار بن معز الدولة ببغداد ما جرى مع غلامه سبكتكين وأرسل إلى عمه ركن الدولة يستعين به تقدّم إلى أبي الفتح بالمضيّ إلى شيراز والمسير في صحبة ولده عضد الدولة لانجاد عز الدولة، وورد إلى بغداد وجرى ما جرى من موت سبكتكين ومحاربة أصحابه حتى انجلوا عنها، وطمع عضد الدولة فيها ومكاتبة أبيه إياه بمفارقتها وتسليمها إلى عز الدولة، وكتب ركن الدولة إلى أبي الفتح بالقيام بذلك وبالتكفّل به حتى يفارق عضد الدولة بغداد في قصة هي مذكورة في التواريخ، فتشدّد ابن العميد على عضد الدولة في ذلك، وخاطبه فيه مخاطبات حقدها عضد الدولة عليه، فلما رجع عضد الدولة قال يوما لابن العميد: ما حظيت من ورودي إلى بغداد بفائدة، وقد أطلقت بسببها أموالا صامتة لا تحصى، فقال له أبو الفتح: ما سلم من الأعطيات سلطان، ولا خلا من النفقات مكان، ولو استقصيت بمقدار حالي ما فرقته لكنت مبذرا، فقال له عضد الدولة:
أما أنت فقد شرف قدرك وعلا ذكرك، كنّاك خليفة الله في أرضه ولقبك، فأنت ذو الكفايتين أبو الفتح، فأعظم بذلك من فخر يبقى بقاء النيرين ويدوم دوام العصرين.
وكان عضد الدولة يقول: خرجت من بغداد وأنا زريق الشارب- لأنّ سفلة الناس والعامة كانوا يذكرونه بذلك- وخرج ابن العميد مكّنى من الخليفة ملقّبا بذي الكفايتين. فلما مات «١» ركن الدولة، وقام مقامه بالري وتلك النواحي ابنه مؤيد الدولة بويه كان الصاحب ابن عباد وزيره، فخلع على أبي الفتح واستوزره والصاحب على جملته في الكتابة لمؤيد الدولة، فكره أبو الفتح موضعه، فبعث الجند على الشغب وهموا بقتل الصاحب، فأمره مؤيد الدولة بالعود إلى أصبهان، فأسرّ مؤيد الدولة ذلك في نفسه إلى أشياء كان ينبسط فيها يحمله عليها نزقة الشباب، وانضاف إلى ذلك تغير عضد الدولة عليه وكثرة ميل القواد والعساكر إليه، فخيفت منه غائلة، فكتب عضد الدولة إلى أخيه مؤيد الدولة يأمره بالقبض عليه واستصفاء أمواله وتعذيبه، فقبض عليه وحمله إلى بعض القلاع، وبدرت منه كلمات في حقّ عضد الدولة نمت إليه فزادت في استيحاشه منه، فأنهض من حضرته من تكفّل بتعذيبه واستخراج أمواله والتنكيل به، فأول ما عمل به أن سمل إحدى عينيه ثم نكل به وجزّ لحيته وجدع أنفه وعذب