بأنواع من العذاب، فقال:
بدّل من صورتي المنظر ... لكنه ما بدّل المخبر
وليس إشفاقا على هالك «١» ... لكن على من لي يستعبر
وواله القلب بما مسني ... مستخبر عني ولا يخبر
فقل لمن سرّ بما ساءني ... لا بد أن يسلك ذا المعبر
ووجد على حائط مجلسه بعد قتله:
ملك شدّ لي عرى الميثاق ... بأمان قد سار في الآفاق
لم يحل رأيه ولكنّ دهري ... حال عن رأيه فشدّ وثاقي
فقرى الوحش من عظامي ولحمي ... وسقى الأرض من دمي المهراق
فعلى من تركته من قريب ... أو حبيب تحية المشتاق
وفي بني العميد يقول بعضهم:
مررت على ديار بني العميد ... فألفيت السعادة في خمود
فقل للشامت الباغي رويدا ... فانك لم تبشّر بالخلود
قال: وكان أبو الفتح قد أغري قبل القبض عليه بانشاد هذين البيتين لا يجفّ لسانه عن ترديدهما «٢» :
ملك الدنيا أناس قبلنا ... رحلوا عنها وخلّوها لنا
ونزلناها كما قد نزلوا ... ونخلّيها لقوم غيرنا «٣»
فلما حصل في الاعتقال وأيقن أن القوم يريدون دمه وأنه لا ينجو منهم وإن بذل ماله مدّ يده إلى جيب جبّة عليها ففتقه عن رقعة فيها ثبت ما لا يحصى من ودائعه وكنوز أبيه وذخائره، فألقاها في كانون نار بين يديه وقال للموكل به: اصنع ما أنت صانع، فو الله لا يصل من أموالي المستورة إلى صاحبك دينار واحد، فما زال يعرضه على