للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مواضعها من الكتب ثم قلت: ليس للنحوي أن يلزم مثل هذا الحكم إلا بعد التبحر والسماع الواسع، وليس للتقليد وجه إذا كانت الرواية شائعة والقياس مطردا، وهذا كقولهم فعيل على عشرة أوجه، وقد وجدته أنا يزيد على أكثر من عشرين وجها وما انتهيت في التتبع إلى أقصاه، فقال: خروجك من دعواك في فعل يدلنا على قيامك في فعيل، ولكن لا نأذن لك في اقتصاصك، ولا نهب آذاننا لكلامك، ولم يف ما أتيت به بجرأتك في مجلسنا وتبسطك في حضرتنا، فهذا كما ترى.

قال أبو حيان «١» : وأما حديثي معه- يعني مع ابن عباد- فإنني حين وصلت اليه قال لي: أبو من؟ قلت: أبو حيان، فقال: بلغني أنك تتأدب، فقلت: تأدب أهل الزمان، فقال: أبو حيان ينصرف أو لا ينصرف؟ قلت: إن قبله مولانا لا ينصرف، فلما سمع هذا تنمر وكأنه لم يعجبه، وأقبل على واحد الى جانبه وقال له بالفارسية سفها على ما قيل لي، ثم قال: الزم دارنا وانسخ هذا الكتاب، فقلت: أنا سامع مطيع. ثم إني قلت لبعض الناس في الدار مسترسلا: إنما توجهت من العراق إلى هذا الباب، وزاحمت منتجعي هذا الربع لأتخلّص من حرفة الشؤم، فان الوراقة لم تكن ببغداد كاسدة، فمني اليه هذا أو بعضه أو على غير وجهه فزاده تنكرا.

قال أبو حيان «٢» : وقال لي ابن عباد يوما يا أبا حيان من كنّاك بأبي حيان؟ قلت:

أجلّ الناس في زمانه وأكرمهم في وقته، قال: ومن هو ويلك؟ قلت: أنت، قال:

ومتى كان ذلك؟ قلت: حين قلت يا أبا حيان من كناك أبا حيان، فاضرب عن هذا الحديث وأخذ في غيره على كراهة ظهرت عليه.

قال وقال لي يوما آخر «٣» ، وهو قائم في صحن داره والجماعة قيام منهم الزعفراني، وكان شيخا كثير الفضل جيد الشعر ممتع الحديث، والتميمي المعروف بسطل «٤» وكان من مصر، والأقطع وصالح الوراق وابن ثابت وغيرهم من الكتاب والندماء: يا أبا حيان هل تعرف فيمن تقدم من يكنى بهذه الكنية؟ قلت: نعم من أقرب ذلك أبو حيان الدارميّ، حدثنا أبو بكر محمد بن محمد القاضي الدقاق، قال

<<  <  ج: ص:  >  >>