حدثنا ابن الأنباريّ، قال حدثنا أبي، قال حدثنا ابن ناصح قال: دخل أبو الهذيل العلاف على الواثق فقال له الواثق: لمن تعرف هذا الشعر؟
سباك من هاشم سليل ... ليس إلى وصله سبيل
من يتعاط الصفات فيه ... فالقول في وصفه فضول
للحسن في وجهه هلال ... لأعين الخلق لا يزول
وطرّة ما يزال فيها ... لنور بدر الدجى مقيل
ما اختال في صحن قصر أوس ... الا تسجى «١» له قتيل
فإن يقف فالعيون نصب ... وإن تولّى فهن حول
فقال أبو الهذيل: يا أمير المؤمنين هذا لرجل من أهل البصرة يعرف بأبي حيان الدارميّ وكان يقول بإمامة المفضول، وله من كلمة يقول فيها:
أفضّله والله قدّمه على ... صحابته بعد النبّي المكرم
بلا بغضة والله مني لغيره ... ولكنه أولاهم بالتقدم
وجماعة من أصحابنا قالوا: أنشد أبو قلابة عبد الله «٢» بن محمد الرقاشي لأبي حيان البصري «٣» :
يا صاحبي دعا الملام وأقصرا ... ترك الهوى يا صاحبيّ خساره
كم لمت قلبي كي يفيق فقال لي ... لجّت يمين ما لها كفاره
ألّا أفيق ولا أفتّر لحظة ... إن أنت لم تعشق فأنت حجاره
الحبّ أول ما يكون بنظرة ... وكذا الحريق بداؤه بشراره
يا من أحبّ ولا أسمّي باسمها ... اياك اعني فاسمعي يا جاره
فلما وفيت الشعر ورويت الاسناد وريقي بليل، ولساني طلق، ووجهي متهلل، وقد تكلفت هذا وأنا في بقية من غرب الشباب وبعض ريعانه، وملأت الدار صياحا بالرواية والقافية، فحين انتهيت أنكرت طرفه وعلمت سوء موقع ما رويت عنده قال: