للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبادك، وبلّغه مرضاتك، وأسكنه فردوسك، وأدم له العزّ النامي، والكعب العالي، والمجد التليد، والجدّ السعيد، والحقّ الموروث، والخير المبثوث، والولي المنصور، والشانىء المبتور، والدعوة الشاملة، والسجية الفاضلة، والسرب المحروس، والربع المأنوس، والجناب الخصيب، والعدوّ الحريب، والمنهل القريب، واجعل أولياءه باذلين لطاعته، ناصرين لأعزته، ذابّين عن حرمه. [أيها الشمس المضيئة بالكرم] والقمر المنير بالجمال، والنجم الثاقب بالعلم، والكوكب الوقّاد بالجود، والبحر الفياض بالمواهب، سقط العشاء بعبدك على سرحك، فاقره من نعمتك بما يضاهي قدرك وقدرتك، وزوّج هيئته تربها من الغنى فطالما خطب كفأها من المنى.

ثم يقال لي من بعد: جنيت على نفسك حين ذكرت عدوّه عنده بخير، وبينت عنه، وجعلته سيد الناس، فأقول: كرهت أن يراني متدرئا «١» على عرض رجل عظيم الخطر غير مكترث بالوقيعة فيه والانحاء عليه، وقد كان يجوز أن أشعّث من ذلك شيئا، وأبري من أثلته جانبا، وأطيّر إلى جنبه شرارة، فيقال أيضا: جنيت على نفسك، وتركت الاحتياط في أمرك، فإنه مقتك وعافك، ورأى أنك في قولك عدوت طورك، وجهلت قدرك، ونسيت وزرك «٢» وليس مثلك من هجم على ثلب من بلغ رتبة ذلك الرجل، وأنك متى جسرت على هذا دربت «٣» به وجعلت غيره في قرنه، فإذا كانت هذه الحالات ملتبسة، وهذه العواقب مجهولة، فهل يدور العمل بعدها إلا على الاحسان الذي هو علّة المحبة، والمحبة التي هي علة الحمد، والاساءة التي هي علة البغض، والبغض الذي هو علة الذم، فهذا هذا.

قال «٤» : وكان ابن عباد شديد الحسد لمن أحسن القول وأجاد اللفظ، وكان الصواب غالبا عليه، وله رفق في سرد حديث ونيقة في رواية، وله شمائل مخلوطة بالدماثة بين الاشارة والعبارة، وهذا شيء عام في البغداديين وكالخاصّ في غيرهم.

حدّثت ليلة بحديث فلم يملك نفسه حتى ضحك واستعاده، ثم قيل لي بعده إنه كان

<<  <  ج: ص:  >  >>