ويقول: إن الصفراء تحركت عليّ فتأخرت، فوقع على ظهر الرقعة بخطه: أنت تحركت على الصفراء ليس الصفراء تحركت عليك. قال: وهذا التوقيع يشبه ما أنشدنا علي بن هارون المنجم لنفسه في جاريته صفراء وقد شكا إلى الطبيب مرّة صفراء، ولا أدري أيهما أخذ من صاحبه «١» :
جسّ الطبيب يدي وقال مخبّرا ... هذا الفتى أودت به الصفراء «٢»
فعجبت منه إذ أصاب وما درى ... قولا وظاهر ما أراد خطاء
قلت أنا: وقريب من هذا قول الوزير المهلبي:
وقالوا للطبيب أشر فانا ... نعدّك للعظيم من الأمور
فقال شفاؤه الرمّان مما ... تضمّنه حشاه من السعير
فقلت لهم أصاب بغير قصد ... ولكن ذاك رمان الصدور
وكان لعلي بن هارون ولد يقال له أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون المنجم كان أديبا فاضلا إلا أني لم أقف له على تصنيف فلم أفرده بترجمة «٣» والمقصود ذكره، وقد ذكر هاهنا، روى عنه أبو علي التنوخي في «نشواره» فأكثر «٤» وقال: أنشدني أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون لنفسه «٥» :
ما أنس منها لا أنس موقفها ... وقلبها للفراق ينصدع
وقولها إذ بدا الصباح لها ... قول فزوع أظلّه الجزع
ما أطول الليل عند فرقتنا ... وأقصر الليل حين نجتمع
قال التنوخي وأنشدني أبو الفتح لنفسه، وكتب بها إلى أبي الفرج محمد بن