للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدهم الليل لنقض ذلك الإبرام، وإن سمعوا مني قولا أذاعوا، وإن لم يسمعوا اختلقوا من الكذب ما استطاعوا، وقد صرت كالمقيم وسط أفاع لا يأمن لسعها، وكالمجاور لنار يتّقي شررها ويستكفي لذعها، والله المسؤول توسيع الأمور إذا ضاقت مسالكها، وهو المرجوّ لإصلاح قلوب الملوك على مماليكهم إذ هو رب المملكة ومالكها، وها أنا جائم جثوم الليث في عرينه، وكامن كمون الكميّ في كمينه، وأعظم ما كانت النار لهبا إذا قلّ دخانها، وأشدّ ما كانت السفن جريا إذا سكن سكّانها، والجياد تراض ليوم السباق، والسهام تكنّ في كنائنها لإصابة الأحداق، والسيوف لا تنتضى من الأغماد إلا ساعة الجلاد، واللآلىء لا تظهر من الأسفاط الا للتعليق على الأجياد، وبينما أنا كالنهار الماتع طاب أبرداه، إذ تراني كالسيف القاطع خشن حداه «١» ، ولكلّ أقوام أقوال، ولكلّ مجال أبطال نزال، وسيكون نظري بمشيئة الله الدائم ونظرهم لمحة، وريحي في هذه الدولة المنصورة عاديّة وريحهم فيها نفحة، وها أنا مقيم تحت كنف إنعامها، راج وابل إكرامها من هاطل غمامها، منتظر لعدوّي وعدوها أنكأ سهامها من وبيل انتقامها.

وأملى عليّ قال: كتبت إلى أبي القاسم ابن أبي الحسن بن شيث وكان قد انصرف عن الملك الظاهر ثم رجع إليه بأمر من الملك الظاهر: مقدم سعد، مؤذن بسموّ ومجد، للمجلس الجماليّ لا زال غاديا في السعادة ورائحا، ممنوحا من الله بالنعم مانحا، ميسرا له أرجح الأعمال كما لم يزل على الأماثل راجحا، موضحا له قصد السبيل كوجهه الذي ما برح مسفرا واضحا، قد رد الله بأوبته ما نزح من السرور، وأعاد بعودته الجبر إلى القلب المكسور، ولأم بالمامه صدوعا في الصدور، والواجب التفاؤل بالعود إذ العود أحمد، وألا يخطر الطيرة بباله إذ نهى عن التطيّر أحمد، بل يقال انقلب إلى أهله مسرورا، وتوطّن من النعم «٢» الظاهرية جنّة وحريرا، ودعا عدوه لعوده ثبورا، وصلي من نار حسده سعيرا، أسعد الله مصادره وموارده، ووفر مكارمه ومحامده، وأيّد ساعده ومساعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>