للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتنقل عنها في البلاد، ومدح عضد الدولة وابن عباد، وانقطع مدة من الزمان إلى نصر بن هارون ثم إلى أبي القاسم العلاء بن الحسن الوزير. وكان جيد الطبقة في الشعر والأدب، عالما بالمنطق قوي الرتبة فيه، وجمع ديوانه وكان نحو ألفي بيت، ومولده سنة ست وثلاثين وثلاثمائة ومات بشيراز بعد سنة تسعين وثلاثمائة وكان ضعيف الحال محارفا «١» ضيق الرزق.

وجدت على حاشية الأصل ما هذا صورته «٢» : إنا لله وإنا إليه راجعون، ما يحتاج مستدلّ على أن الأرزاق ليست بالاستحقاق بأقوى من هذا الرجل، فانه لو وفّي حقه لكان أعظم قدرا من المتنبي، لأنه ليس بدونه في الشعر جودة وصحة معنى ومتانة لفظ وحلاوة استعارة وسلاسة كلام، وكان مع ذلك مزاحا طيب العشرة حادّ النادرة، وأصيب بعينه في آخر عمره، وله في ذلك أشعار كثيرة. وهذا القدر حكى الخالع من خبره ولم يعرف غير ذلك.

ومن شعره «٣» :

يا ريم وجدي فيك ليس يريم ... بين الضلوع وان رحلت مقيم

لا تحسبي قلبي كربعك خاليا ... فبه وإن عفت الرسوم رسوم

تبلى المنازل والهوى متجدّد ... وتبيد خيمات ويبقى الخيم

ومن شعره لما أصيب ببصره:

ما للهموم إذا ما هيمها وردت ... عليّ لم تفض من ورد إلى صدر

كأنما وافق الأعشاب رائدها ... لدى حماي فقد ألقى عصا السفر

ان يجرح الدهر مني غير جارحة ... ففي البصائر ما يغني عن البصر

وله في الخمر:

وقهوة مثل رقراق السراب غدا ... جيب المزاج عليها غير «٤» مزرور

<<  <  ج: ص:  >  >>