يميسون فوق الميس حتى كأنهم ... شروب تساقى والرحال المجالس
أصاخوا وقد غنيتهم باسم ماجد ... لأقلامه تعنو الرماح المداعس
ولما بلغناه تهلّل عارض ... سقى صوبه الدنيا ومثواه فارس
وقال في الوزير ابن صالحان:
هل البرق إلا زفرة تتضرّم ... وعبرة مشتاق تسحّ وتسجم
تبسّم حتى كاد يبكي وربما ... تراءى فأبكى البارق المتبسم
ولما ألم الطيف شكّك أينا ... لدقة شخصينا الخيال المسلّم
مزجت كؤوس الريق منه بأدمعي ... فبتّ أسقّى قهوة مزجها دم
فليت فؤادي ذاب في جفن مزنة ... بها رويت من دار ظمياء أرسم
وخرق رحيب الباع لو نيط طوله ... بعروة عمر لم تكد تتصرم
رميت فما أشويت ثغرة نحره ... وما كلّ ما ترمى به العيس أسهم
بلغنا بها مغناه وهي أهلة ... فلاحت لنا أخلاقه وهي أنجم
وله يمدح:
يصيخ إليّ الليل حتى كأنما ... سرى إبلي في مسمعيه سرار
وكم خامل أمطاه حارك رتبة ... حراك ويعلو الترب حين يثار
ويا ليت ان تقرر عيون ركائبي ... ولا غرو غايات السيول قرار
مددت إلى طعن الكماة عزائما ... طوال العوالي بينهن قصار
فما كرمت كرمان حتى افتككتها ... ولا أصحرت حتى ارتجتك صحار
إذا صدّ وجه البحر عنها تيقنت ... بأنك بدر في يديه بحار
وله:
جذل بما يعطيهم فكأنما ... أخذ المؤمل من نداه عطاء
عفو تسيل به الشعاب كأنما ... فيه الذنوب وقد طفون غثاء