فنعم معاذ المستجير ومنزل الكريم ومثوى كلّ عان وزائر ولعمارة شعر منه ما أنشده الجهشياري «١» :
لا تشكون دهرا صححت به ... إن الغنى في صحة الجسم
هبك الأمام أكنت منتفعا ... بغضارة الدنيا مع السقم
وكرهه «٢» أهل البصرة لتيهه وعجبه، فذكر الأرقط أنه رفع أهل البصرة على عمارة أنه اختان مالا كثيرا، فسأله المهدي عن ذلك فقال: والله يا أمير المؤمنين لو كانت هذه الأموال التي يذكرونها في جانب بيتي ما نظرت إليها، فقال: أشهد إنك لصادق، ولم يراجعه فيها.
ودخل صالح بن [عبد] الجليل «٣» الناسك على المهديّ فوعظه وأبكاه طويلا، وذكر له سيرة العمرين، فأجابه المهدي بفساد الزمان وتغيّر أهله وما حدث لهم من العادات، وذكر له جماعة من أصحابه وما لهم من الأموال والنعمة، وذكر فيهم عمارة ابن حمزة وقال: بلغني أن له ألف دواج بوبر سوى ما لا وبر فيه وسوى غيرها من الأصناف التي يتدثر بها.
وكان الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك شديد الكبر عظيم التيه والعجب فعوتب في ذلك فقال «٤» هيهات هذا شيء حملت عليه نفسي لما رأيته من عمارة بن حمزة، فإن أبي كان يضمن فارس من المهديّ فحلّ عليه ألف ألف درهم، فأخرج ذلك كاتب الديوان فأمر المهدي أبا عون عبد الله بن يزيد بمطالبته وقال له: إن أدّى إليك المال قبل أن تغرب الشمس من يومنا هذا وإلا فائتني برأسه، وكان متغضبا عليه، وكانت حيلته لا تبلغ عشر المال، فقال لي: يا بنيّ إن كانت لنا حيلة فليس إلا من قبل عمارة بن حمزة وإلا فأنا هالك، فامض إليه، فمضيت إليه فلم يعرني الطرف، ثم