أنتما إن أقحط العالمون ... منتهى الغياث ومأوى الضريك
يا ابن سهل الحسن المستغاث ... وفي الوغى إذا اضطرب الفكيك
ما لمن ألحّ عليه الزمان ... مفزع لغيرك يا ابن الملوك
لا ولا وراءك للراغبين ... مطلب سواك حاشا أخيك
والقصيدة غريبة العروض. قال أبو الحسن: وأنا والله أنشده وعيناه تهمي على خده فتقطر على نحره ثم قال: والله ما أبكي الا لقصور الأيام عما أريده لقاصدي، ثم جعل يتلهف ويقول: ما الذي منعه من اللقاء؟ تعذّر الحجاب أم قعود الأسباب؟
فقلت: اعتلّ- جعلني الله فداءك- علة توفي فيها، فجعل يترحم عليه ثم قال: والله لا أكون أعجز من علقمة بن علاثة حيث مات قبل وصول النابغة «١» إليه بالقصيدة التي رحل بها إليه حيث يقول:
فما كان بيني لو لقيتك سالما ... وبين الغنى إلا ليال قلائل
الأبيات ... فبلغت الأبيات علقمة فأوصى له بمثل نصيب ابن له، ولكن هل لهذا الشاعر وارث؟ قلت: نعم بنية، قال: تعرف مكانها؟ قلت: نعم، قال:
والله ما يتسع وقتي هذا لما أنويه، ولكن القليل والعذر يسعنا، ثم دعا غلاما وقال:
هات ما بقي من نفقة شهرنا، فأتى بألفي درهم في صرة، فدفعها إليّ وقال: يا أبا الحسن خذ ألفا وأعط الصبية ألفا، فأخذت الألفين وانصرفت وعملت بما أمرني به.
ومات الحسن بن سهل بسر من رأى في ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائتين في أيام المتوكل.
قال المؤلف: ما نسب إلى علقمة في هذه الحكاية غلط لان الوارد عليه هو الحطيئة، وكان علقمة واليا على حوران، فلما قاربه مات علقمة، فقال الحطيئة الأبيات، لكن هكذا في هذه الحكاية ولا أدري كيف حالها.