للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم ابن أخته أبو المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن زهير بن أبي جرادة: سمع بحلب ورحل إلى بغداد وسمع بها محمد بن ناصر السلامي وغيره، وحدثني كمال الدين أيده الله قال، قال لي شيخنا أبو اليمن زيد الكندي: كان أبو المكارم محمد بن عبد الملك بن أبي جرادة فسمع ببغداد الحديث معنا على، مشايخنا فسمعت بقراءته، وورد إلينا إلى دمشق بعد ذلك، وكنا نلقبه «القاضي بسعادتك» ، وذلك أن القلانسي دعاه في وليمة وكنت حاضرها فجعل لا يسأله عن شيء فيخبر عنه بما سر أو ساء إلا وقال في عقبه: بسعادتك، فإن قال له:

ما فعل فلان؟ قال: مات بسعادتك، وإن قال له: ما خبر الدار الفلانية؟ يقول:

خربت بسعادتك، فسميناه القاضي بسعادتك، وكان يقولها لاعتياده إياها لا لجهل كان فيه، وكان له أدب وفضل وفقه وشعر جيد، وقد روى الحديث. ولأبي المكارم شعر منه:

لئن تناءيتم عنّي ولم تركم ... عيني فأنتم بقلبي بعد سكان

لم أخل منكم ولم أسعد بقربكم ... فهل سمعتم بوصل فيه هجران

وله أشعار كثيرة ومات بحلب في سنة خمس وستين وخمسمائة أو سنة ست وستين.

ومنهم جمال الدين أبو غانم محمد بن القاضي أبي الفضل هبة الله بن القاضي أبي غانم محمد بن القاضي أبي الفضل هبة الله بن القاضي أبي الحسين يحيى: وهو عمّ كمال الدين، أحد الأولياء العباد وأرباب الرياضة والاجتهاد، عالم كثير الصوم والصلاة، وهو حي يرزق إلى وقتنا هذا، وكان قد تولى الخطابة بجامع حلب، وعرض عليه القضاء في أيام الملك الصالح إسماعيل بن محمود بن زنكي بعد القاضي ابن الشهرزوري فامتنع منه، فقلّد القضاء أخوه القاضي أبو الحسن والد كمال الدين أيده الله. وكتب جمال الدين هذا بخطه الكثير، وشغف بتصانيف أبي عبد الله محمد بن علي بن الحكيم الترمذي فجمع معظم تصانيفه عنده وكتب بعضها بخطه، وكتب من كتب الزهد والرقائق والمصاحف كثيرا، وكان خطه في صباه على طريقة ابن البواب القديمة، ووهب لأهله مصاحف كثيرة بخطه، وكان إذا اعتكف في شهر رمضان كتب مصحفا أو مصحفين وجمع براوات الأقلام فيكتب بها تعاويذ للحمى وعسر الولادة فتعرف بركتها. قال: وسألت عمي عن مولده فقال في سنة أربعين

<<  <  ج: ص:  >  >>