للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم ابنه القاضي أبو الفضل هبة الله سمّي باسم جده وكني بكنيته، وكان فقيها مرضيا ورعا زاهدا، سمع الحديث ورواه وولي القضاء بحلب وأعمالها بعد موت أبيه القاضي أبي غانم، وكتب له عهده من أتابك زنكي بن آقسنقر في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة ثم جاء له العهد من بغداد من قاضي القضاة الزينبي وأمر المقتفي، وكان مولده في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وأربعمائة، فلما قتل أتابك زنكي وولي ابنه نور الدين وولي القضاء كمال الدين محمد بن عبد الله الشهرزوري قضاء الشام، ورزق البسطة والتحكم في الدولة وقاوم الوزراء بل الملوك، التمس من القاضي أبي الفضل هذا أن يكتب في كتب سجلاته ذكر النيابة عنه، فامتنع القاضي أبو الفضل، ولجّ ابن الشهرزوري، وساعده مجد الدين ابن الداية، وهو والي حلب، لشيء كان في نفسه على القاضي أبي الفضل لأمور كان يخالفه فيها في أقضية يوفّر فيها جانب الحقّ على أغراضه، وتردد المراسلات بين نور الدين وبينه في قبول النيابة وهو يأبى إلى أن قال ابن الداية: هذا تحكّم منه في الدولة وفيك إذ تأمره بشيء ولا يمتثله، فاعزله وولّ محيي الدين بن كمال الدين، فقال نور الدين: [ ... ] «١»

يستناب له قاض حنفي، فعزل القاضي أبو الفضل وولي محيي الدين قضاء حلب، واستنيب له الكودري، وذلك في سنة سبع وخمسين وخمسمائة، وحج في تلك السنة.

وكتب أبو الحسين أحمد بن منير الطرابلسي للقاضي أبي الفضل هبة الله يلتمس منه «كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه» للقاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني، وكان قد وعده بها ودافعه:

يا حائزا غاي كلّ فضل ... تضلّ في كنهه الإحاطه

ومن ترقّى إلى محلّ ... أحكم فوق السها مناطه

إلى متى أسعط التمني ... ولا ترى المنّ بالوساطه

ومات القاضي أبو الفضل لعشر بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وستين وخمسمائة.

<<  <  ج: ص:  >  >>