العيناء، فلما أراد الانصراف تقدم الجاحظ إلى حاجبه إذا وصل إلى الدهليز أن لا يدعه يخرج ولا يمكنه من الرجوع إليه، فخرج أبو العيناء ففعل به ذلك، فنادى بأعلى صوته يا أبا عثمان قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك.
ومن كلام الجاحظ: احذر من تأمن فإنك حذر ممن تخاف.
وقال: أجمع الناس على أربع: أنه ليس في الدنيا أثقل من أعمى، ولا أبغض من أعور، ولا أخف روحا من أحول، ولا أقود من أحدب.
قال المرزباني: وروى أصحابنا أن الجاحظ صار إلى منزل بعض إخوانه فاستأذن عليه، فخرج إليه غلام عجمي فقال: من أنت؟ قال الجاحظ: فدخل الغلام إلى صاحب الدار فقال: الجاحد على الباب، وسمعها الجاحظ، فقال صاحب الدار للغلام اخرج فانظر من الرجل، فخرج يستخبر عن اسمه فقال: أنا الحدقي، فدخل الغلام فقال: الحلقي، وسمعها الجاحظ فصاح به في الباب:«ردّنا إلى الأول» ، يريد أن قوله الجاحد مكان الجاحظ أسهل عليه من الحلقي مكان الحدقي، فعرفه الرجل فأوصله واعتذر إليه.
وقال الجاحظ: أربعة أشياء ممسوخة: أكل الأرز البارد، والنيك في الماء، والقبل على النقاب، والغناء من وراء ستارة.
وحدث قال الجاحظ مرة بحضرة السدري: إذا كانت المرأة عاقلة ظريفة كاملة كانت قحبة، فقال له السدري: وكيف؟ قال: لأنها تأخذ الدراهم، وتمتع بالناس والطيب، وتختار على عينها من تريد، والتوبة معروضة لها متى شاءت، فقال له السدري: فكيف عقل العجوز حفظها الله؟ قال: هي أحمق الناس وأقلّهم عقلا.
وحدث المبرد قال، قال الجاحظ: أتيت أبا الربيع الغنوي أنا ورجل من بني هاشم فاستأذنّا عليه فخرج إلينا وقال: خرج إليكم رجل كريم والله، فقلت له: من خير الخلق يا أبا الربيع؟ فقال: الناس والله، قلت: ومن خير الناس؟ قال: العرب والله، قلت: فمن خير العرب؟ قال: مضر والله، قلت: فمن خير مضر؟ قال:
قيس والله، قلت: ومن خير قيس؟ قال: أعصر والله، قلت: فمن خير أعصر؟
قال: غنّي والله. قلت: فمن خير غني؟ قال: أنا والله. قلت: فأنت خير