الخلق. قال: أي والله، قلت: أيسرك أن لو تزوجت بنت يزيد بن المهلب؟
قال: لا والله لا أدنس كرمي بلؤمها، قلت: على أنّ لك الجنة، ففكر ساعة ثم قال: على أن لا تلد مني، وأنشد:
تأبى لأعصر أعراق مهذّبة ... من أن تناسب قوما غير أكفاء
فإن يكن ذاك حتما لا مردّ له ... فاذكر حذيف فإني غير أبّاء
حذيفة بن بدر، وإنما ذكره من بين الأشراف لأنه أقربهم إليه نسبا، لأن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان وحذيفة بن بدر بن عمرو بن جوية بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان.
قال المرزباني: وحدث أبو الحسن الأنصاري، حدثني الجاحظ قال: كان رجل من أهل السواد يتشيع، وكان ظريفا، فقال ابن عم له: بلغني أنك تبغض عليّا عليه السلام، وو الله لئن فعلت لتردنّ عليه الحوض يوم القيامة ولا يسقيك، قال:
والحوض في يده يوم القيامة؟ قال: نعم، قال: وما لهذا الرجل الفاضل يقتل الناس في الدنيا بالسيف وفي الآخرة بالعطش؟! فقيل له: أتقول هذا مع تشيعك ودينك؟
قال: والله لا تركت النادرة ولو قتلتني في الدنيا وأدخلتني النار في الآخرة.
وقال الجاحظ: ينبغي للكاتب أن يكون رقيق حواشي اللسان، عذب ينابيع البيان، إذا حاور سدّد سهم الصواب إلى غرض المعنى، لا يكلّم العامة بكلام الخاصة ولا الخاصة بكلام العامة.
وحدث المبرد قال: سمعت الجاحظ يقول: كلّ عشق يسمّى حبا، وليس كلّ حبّ يسمى عشقا، لأن العشق اسم لما فضل عن المحبة، كما أن السرف اسم لما جاوز الجود، والبخل اسم لما قصر عن الاقتصاد، والجبن اسم لما فضل عن شدة الاحتراس، والهوج اسم لما فضل عن الشجاعة.
وحدث ميمون بن هارون الكاتب عن الجاحظ قال: ذمّ رجل النبيذ فقال: من مثالبه أنّ صاحبه يتكرهه قبل شربه، ويكلح وجهه عند شمه، ويستنقص الساقي من قدره، ويعتبر عليه مكياله، ويمزجه بالماء الذي هو ضده ليخرجه عن معناه وحدّه، ثم