وهم من ولدوا أشبوا ... بسرّ الأدب المحض
فبلغ ذلك أبا عمرو بن العلاء فقال: أخطأت استه الحفرة، إنما هو أشبؤوا أي كفوا، أما سمع قول الشاعر «١» :
وذو الرمحين أشباك ... من القوة والحزم
فبلغه عن ابن دأب شيء فقال: على نفسها تجني براقش «٢» ، أما سمعتم قول الليثي:
ألا من مبلغ دأب بن كرز ... أبا الخنساء ذائدة الظليم
فلا تفخر بأحمر واطّرحه ... فما يخفى الأغرّ من البهيم
فعند الله سرّ من أبيه ... كراع زيد في عرض الأديم
وحدث فيما رفعه إلى جابر بن الصلت البرقي قال «٣» : وعد المهدي ابن دأب جارية فوهبها له، فأنشد عبد الله بن مصعب الزبيري قول مضرّس الأسدي:
فلا تيأسن من صالح أن تناله ... وإن كان قدما بين أيد تبادره
فضحك المهدي وقال: ادفعوا إلى عبد الله فلانة لجارية أخرى، فقال عبد الله بن مصعب:
أنجز خير الناس قبل وعده ... أراح من مطل وطول كدّه
فقال ابن دأب: ما قلت شيئا، هلا قلت:
حلاوة الفضل بوعد منجز ... لا خير في العرف كنهب منهز
فضحك المهدي وقال: أحسن الوفاء ما تقدمه ضمان.
وحدث عن سعيد بن سلم قال «٤» : ما شيء أجلّ من العلم، كان ابن دأب أحفظ الناس للأنساب والأخبار، وكان تيّاها، فكان ينادم الهادي ولا يتغدّى معه ولا