له من التصانيف كتاب قلائد العقيان. كتاب مطمح الأنفس ومسرح التأنس.
حدثني الصاحب الكبير العالم جمال الدين الأكرم، أدام الله علوه، قال: لما عزم ابن خاقان على تصنيف «كتاب قلائد العقيان» جعل يرسل إلى كلّ واحد من ملوك الأندلس ووزرائها وأعيانها من أهل الأدب والشعر والبلاغة ويعرّفه عزمه ويسأل إنفاذ شيء من شعره ونظمه ونثره ليذكره في كتابه، وكانوا يعرفون شرّه وثلبه، فكانوا يخافونه وينفذون إليه ذلك وصرر الدنانير، فكلّ من أرضته صلته أحسن في كتابه وصفه وصفته، وكلّ من تغافل عن برّه هجاه وثلبه، وكان ممن تصدّى له وأرسل إليه أبو بكر ابن باجة المعروف بابن الصائغ، وكان وزير ابن تيفلويت «١» صاحب المرية، وهو أحد الأعيان وأركان العلم والبيان، شديد العناية بعلم الأوائل، مستول على أصل الأشعار والرسائل، وكانوا يشبّهونه بالمغرب بابن سينا بالمشرق، وله تصانيف في المنطق وغيره، فلما وصلته رسالته تهاون بها ولم يعرها طرفه، ولا لوى نحوها عطفه، وذكر ابن خاقان بسوء بلغه، فجعله ختم كتابه، وصيّره مقطع خطابه، وقال «٢» : أبو بكر ابن الصائغ: هو رمد جفن الدين، وكمد نفوس المهتدين، اشتهر سخفا وجنونا، وهجر مفروضا ومسنونا، وضلّ فيما يتسرع، ولا يأخذ في غير الأباطيل ولا يشرع، ولا يرد سوى الغمة ولا يكرع، ناهيك من رجل ما تطهّر من جنابة، ولا أظهر مخيلة إنابة، ولا استنجى من حدث، ولا أشجى فؤاده توار في جدث، ولا أقر ببارئه ومصوّره، ولا فرّ عن تباريه في ميدان تهوره، الاساءة إليه أجدى من الإحسان، والبهيمة عنده أهدى من الانسان، نظر في تلك التعاليم، وفكر في أجرام الأفلاك وحدود الأقاليم، ورفض كتاب الله العليّ العظيم، ونبذه وراء ظهره ثاني عطفه، وأراد إبطال ما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، واقتصر على الهيئة، وأنكر أن يكون إلى الله الفيئة، وحكم للكواكب بالتدبير، فهو يعتقد أن الزمان دور، وأن الانسان نبات ونور، مع منشأ وخيم، ولؤم أصل وخيم، وصورة شوّهها الله وقبحها، وطلعة إذا أبصرها الكلب نبحها، وقذارة يوبىء البلاد نفسها. ووضارة يحكي الحدّاد دنسها. وله نظم أجاد فيه بعض الاجادة، وشارف الإحسان أو كاده.