مع كلام طويل وهجو وبيل، وبلغ ذلك ابن الصائغ فأنفذ له مالا استكفه به واستصلحه.
وصنف ابن خاقان كتابا آخر سماه «مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ذيل شعراء الأندلس»«١» وصله بقلائد العقيان، افتتحه «٢» بذكر ابن الصائغ وأثنى عليه فيه ثناء جميلا فقال: الوزير أبو بكر ابن الصائغ: هو بدر فهم ساطع، وبرهان علم لكلّ حجة قاطع، تفوّحت بعطره الأعصار، وتطيبت بذكره الأمصار، وقام به وزن المعارف واعتدل، ومال وتهدل، وعطّل بالبرهان التقليد، وتنفق بعد عدمه الاختراع والتوليد.
إذا قدح زند فهمه أورى بشرر للجهل محرق، وان طما بحر خاطره فهو لكلّ شيء مغرق، مع نزاهة النفس وصونها، وبعد الفساد من كونها، والتحقيق الذي هو للإيمان شقيق، والجد الذي يخلق العمر وهو مستجد، وله أدب يودّ عطارد أن يلتحفه، ومذهب يتمنى [المشتري] ان يعرفه، ونظم تتمناه اللبّات والنحور، وتدعيه مع نفاسة جوهرها البحور، وقد أتيت بما تهوى الأعين النّجل أن يكون إثمدها، ويزيل من النفس حزنها وكمدها، فمن ذلك قوله يتغزل:
أسكان نعمان الأراك تيقنوا ... بأنكم في ربع قلبي سكّان
ودوموا على حفظ الوداد فطالما ... بلينا بأقوام إذا استحفظوا خانوا
سلوا الليل عنّي مذ تناءت دياركم ... هل اكتحلت لي فيه بالنوم أجفان
وهل جردّت أسياف برق دياركم ... فكانت لها إلا جفوني أجفان
وله:
اتأذن لي آتي العقيق اليمانيا ... أسائله ما للمغاني وماليا