يطول عليّ الليل حتى أملّه ... فأجلس والنوام في غفلة عني
فلا أنا بالراضي من الدهر فعله ... ولا الدهر يرضى بالذي ناله مني
قال أبو علي حدثني أبو القاسم الحسين بن علي البغدادي، وكان أبوه ينادم ابن الحواري ثم نادم البريديين بالبصرة وأقام بها سنين، قال: كان جحظة سخيف الدين، وكان لا يصوم شهر رمضان، وكان يأكل سرا، فكان عند أبي يوما في شهر رمضان مسلما فاحتبسه، فلما كان نصف النهار سرق من الدار رغيفا ودخل المستراح وجلس على المقعدة، واتفق أن دخل أبي فرآه فاستعظم ذلك وقال: ما هذا يا أبا الحسن؟ فقال: أفتّ لبنات وردان ما يأكلون فقد رحمتهم من عذاب الجوع.
ومن شعر جحظة [١] .
إن كنت ترغب في الزيا ... رة عند أوقات الزياره
فدع الشتيمة للغلا ... م إذا دنوت من الغضاره
ومن مطبوع شعر جحظة:
وإذا جفاني صاحب ... لم أستجز ما عشت قطعه
وتركته مثل القبو ... ر أزورها في كلّ جمعه
وحدث جحظة في أماليه: دخلت إليّ عريب المأمونية مع شروين المغني وأبي العنبس المغني وأنا يومئذ غلام عليّ قباء ومنطقة وأنكرتني وسألت عني فأخبرها شروين وقال لها: هذا فتى من أهلك. هذا ابن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد البرمكي، وهو يغني بالطنبور، فأدنتني وقربت مجلسي ودعت بطنبور وأمرتني أن أغني، فغنيت أصواتا فقالت: أحسنت يا بنيّ ولتكوننّ مغنيا، ولكن إذا حضرت بين هذين الأسدين ضعت أنت وطنبورك- تعني بين عوديهما- وأمرت لي بمائة دينار.