وما أملك في مقابلة مفاتحته التي أخلصت له إيجاب الحق، وفضيلة السبق، إلا الثناء الذي أتلو صحائفه، والدعاء الذي أقيم في كلّ وقت وظائفه. والله سبحانه يحسن توفيقي لما يشيّد مباني المودة، التي أعتدها أفضل معاني «١» العدة. ثم إني لفرط اللهج باستملاء فضائله النيرة، واستطلاع محاسنه المسيّرة، أسائل عن خصائصه الركبان، وأطرب بسماعها ولا طرب النشوان.
ولما حضر الشيخ الأديب الرئيس أبو القاسم بن الموذ- أدام الله تمكينه- ألفيته مواليا مغاليا، وداعية إليه وداعيا، فازددت كلفا بما وعيته منه، وشغفا بما استوضحته عنه. واستدللت على كمال سيدنا باستخلاص شكر مثله، وتحققت وفور أفضاله وفضله، فافتتحت المكاتبة بتأدية هذه الشهادة، واستمداد سنّة المواصلة المعتادة، والتكرمة التي تقتضيها بواعث السيادة. ولرأيه في الوقوف على ما كتبته، والتطول فيه بما توجبه أريحيته، علوه، إن شاء الله تعالى.
وكتب إلى سديد الدولة رسالة صدّرها بهذين البيتين:
عندي بشكرك ناطقان فواحد ... آثار طولك واللسان الثاني
ومجال منّتك التي أوليتني ... في الشكر أفصح من مجال لساني
وصدّر رسالة أخرى إليه بهذه الأبيات:
أهنّيك بل نفسي أهنّي بما سنّى ... لك الله من نيل المنى وبما أسنى
شكرت زماني بعد ما كنت عاتبا ... عليه لما أسدى إليك من الحسنى
وأيقنت إذ واتاك أن قد تيقظت ... لارضاء أهل الأرض مقلته الوسنى
ففخرا بما في عظم فخرك شبهه ... ولا لك شبه في الأنام إذا قسنا
جمال الورى ملّيت تشريفك الذي ... أفاض عليك الصيت والعزّ والحسنى
ومن عجب أني أهنيك بالذي ... أهنّى به لكن كذا سنّ من سنا
وكتب إلى المؤيد أبي إسماعيل الطغرائي يهنئه بولاية الطغرائي في سنة تسع وخمسمائة، فأجابه الطغرائي بجواب هذا نسخته «٢» :