للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قدره فكفرها- بقوله ما أذكره إذا انتهيت إليه. ولما طلب العبد كراعا، فأعطي ذراعا «١» ، خرج على من يعرفه، وبهرج على من يكشفه، فقلت: لا مخبأ بعد بوس، ولا عطر بعد عروس «٢» :

وما أنا بالغيران من دون جاره ... إذا أنا لم أصبح غيورا على العلم

وقصدت قصيدا من شعره، يزعم أنها من قلائد درّه، قد هذّبها في مدة سنين، ومدح بها أمير المؤمنين، وقال فيها: فانظر لنفسك أي درّ تنظم:

فكان لعمري ناظما غير أنه ... كحاطب ليل فاته منه طائل

«فواعجبا كم يدّعي الفضل ناقص ... ووا أسفا كم يظهر النقص فاضل» «٣»

وتتبعت ما فيها من غلطاته، وأظهرت ما خفي فيها من سقطاته، ولبست له جلد النمر، واندفقت عليه كالسيل المنهمر، بعد أن كتبها بخطه، وزيّنها بإعرابه وضبطه:

وابن اللبون إذا مالزّ في قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس «٤»

فوجدته قد أخطأ منها في واحد وعشرين مكانا، عدم فيها تمكنا من العلم وإمكانا، فمنها ستة عشر موضعا توضحها الكتابة والنظر، ومنها خمسة توضحها المجادلة والنظر، فهذا من جيّد مختاره، وما يظهر على اختياره، وان وقع إليّ شيء من مزوّق شعره، أو منوّق مستعاره، لأعصبنّه فيه عصب السّلمة، ولأعذّبنه تعذيب الظّلمة:

فان قلتم إنا ظلمنا فلم نكن ... بدأنا ولكنّا أسأنا التقاضيا

ولو أنه اقتصر على قصوره، وأنفق من ميسوره، وستر عواره، ولم يبد شواره، لطويته على غرّه، ولم أنبّه على عاره وعرّه، فان «من سلك الجدد أمن العثار» «٥» وسلم من سالم النقع المثار، ولكن كان «كالباحث عن حتفه بظلفه» «٦» فلحق

<<  <  ج: ص:  >  >>