والنحو واللغة والحديث وشيوخه وصحّته وسقمه والفقه، وكان شافعيا، وصنّف في كلّ ذلك تصانيف هي مشهورة بالموصل وغيرها.
حدثني أخوه أبو الحسن قال: قرأ أخي الأدب على ناصح الدين أبي محمد سعيد بن الدهان البغداديّ وأبي بكر يحيى بن سعدون المغربى القرطبي وأبي الحزم مكى بن الريان بن شبّة الماكسي النحوي الضرير، وسمع الحديث بالموصل من جماعة منهم الخطيب أبو الفضل ابن الطوسي وغيره، وقدم بغداد حاجا فسمع بها من أبي القاسم صاحب ابن الخلّ وعبد الوهاب بن سكيتة، وعاد إلى الموصل فروى بها وصنّف ووقف داره على الصوفية وجعلها رباطا.
وحدثني أخوه أبو الحسن قال: تولى أخي أبو السعادات الخزانة لسيف الدين الغاري بن مودود بن زنكي، ثم ولاه ديوان الجزيرة وأعمالها، تم عاد إلى الموصل فناب في الديوان عن الوزير جلال الدين أبي الحسن على بن جمال الدين محمد بن منصور الأصبهاني، ثم اتصل بمجاهد الدين قايماز بالموصل أيضا فنال عنده درجة رفيعة، فلما قبض على مجاهد الدين اتصل بخدمة أتابك عز الدين مسعود بن مودود إلى أن توفي عز الدين، فاتصل بخدمه ولده نور الدين أرسلان شاه فصار واحد دولته حقيقة بحيث إن السلطان كان يقصد منزله في مهام نفسه لأنه أقعد في آخر زمانه، فكانت الحركة تصعب عليه، فكان يحيئه بنفسه أو يرسل إليه بدر الدين لؤلؤ الذي هو اليوم أمير الموصل.
وحدثني أخوه المذكور قال. حدثني أخي أبو السعادات قال: لقد ألزمني نور الدين بالوزارة غير مرة وأنا أستعفيه حتى غضب منّي وأمر بالتوكيل بي، قال:
فجعلت أبكي، فبلغه ذلك فجاءني وأنا على تلك الحال فقال لي: أبلغ الأمر إلى هذا؟ ما علمت أنّ رجلا ممن خلق الله بكره ما كرهت، فقلت: أنا يا مولانا رجل كبير، وقد خدمت العلم عمري واشتهر ذلك عنّي في البلاد بأسرها، واعلم أنني لو اجتهدت في إقامة العدل بغاية جهدي ما قدرت أؤدي حقه، ولو طلم أكّار في ضيعة من أقصى أعمال السلطان لنسب ظلمه إليّ، ورجعت أنت وغيرك باللائمة عليّ، والملك لا يستقيم إلا بالتسمح في العسف وأخذ هذا الخلق بالشدة، وأنا لا أقدر على ذلك، فأعفاه، وجاءنا إلى دارنا فخبرنا بالحال، فأما والده وأخوه فلاماه على الامتناع فلم يؤثر